للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول أيضًا رضي الله عنه: ما غلا أحد في القدر إلّا خرج من الإسلام (١).

فالسلف رحمهم الله تعالى كرهوا الكلام في القدر والخوض فيه، لكن لما خاضت المبتدعة في هذا الأمر وحادوا عن الصواب رأى السلف الصالح أنه يجب عليهم أن يبيّنوا للناس الحق والصواب فيما ضلّ فيه هؤلاء، ذلك لأنه لم يظهر القول في القدر إلّا بعد مضيّ نصف القرن الأول تقريبًا، حيث أن معبدًا الجهني (٢) هو أوّل من أثار القول في هذا الأمر.

روى مسلم في صحيحه بإسناده إلى يحيى بن يعمر (٣)، أنّه قال: "كان أوّل من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني، فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري (٤) حاجّين أو معتمرين، فقلنا: لو لقينا


(١) أخرجه اللالكائي في شرح أصول أهل السنّة (٤/ ٦٣٢).
(٢) معبد بن عبد الله الجهني نزيل البصرة، كان داعية إلى الضلال وهو أوّل من تكلّم بالقدر في زمن الصحابة، قال ابن أبي حاتم: كان صدوقًا في الحديث وكان رأسًا في القدر، قدم المدينة فأفسد بها ناسًا، وقد قتله عبد الملك سنة ٨٠ هـ.
الجرح والتعديل (٨/ ٢٨٠)، وميزان الاعتدال (٤/ ١٤١)، وتهذيب التهذيب (١٠/ ٢٢٥).
(٣) الإمام الفقيه المقرئ أبو سليمان يحيى بن يعمر العدواني البصري، كان من أوعية العلم وحملة الحجّة. قال ابن سعد: كان نحويًّا صاحب علم بالعربية والقرآن، أتى خراسان فنزل مرو، وولي القضاء بها، وكان ثقة، توفي سنة ٨٩ هـ.
طبقات ابن سعد (٧/ ٣٦٨)، وتهذيب التهذيب (١١/ ٣٠٥)، وغاية النهاية (٢/ ٣٨١).
(٤) حميد بن عبد الرحمن الحميري، شيخ بصري، ثقة عالم، قال العجلي: تابعي ثقة.
تاريخ الثقات للعجلي (ص ١٣٤)، وتهذيب التهذيب (٣/ ٤٦).

<<  <   >  >>