للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الموت؛ كما قال تعالى: {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (٢٣)} (١).

قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره لهذه الآية: "فيه دليل على جواز تمنّي الموت عند الفتنة، فإنها عرفت أنها ستبتلى وتمتحن بهذا المولود الذي لا يحمل الناس أمرها فيه على السداد، ولا يصدّقونها في خبرها وبعد ما كانت عندهم عابدة ناسكة تصبح عندهم فيما يظنون عاهرة زانية، فقالت: {يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا}، أي قبل هذا الحال {وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا}، أي لم أخلق ولم أك شيئًا" (٢).

وقال أيضًا رحمه الله في موضع آخر: "وأما إذا كان فتنة في الدين فيجوز سؤال الموت؛ كما قال الله تعالى أخبارًا عن السحرة لما أرادهم فرعون عن دينهم وتهدّدهم بالقتل، قالوا: {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ} (٣)، وقالت مريم لما جاءها المخاض وهو الطلق إلى جذع النخلة: {يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا} (٤)، لما علمت من أن الناس يقذفونها بالفاحشة، لأنها لم تكن ذات زوج وقد حملت ووضعت" (٥).

وقال القرطبي في التذكرة -باب جواز تمنّي الموت والدعاء به خوف ذهاب الدين- قال الله عزّ وجلّ مخبرًا عن يوسف عليه السلام: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} (٦)، وعن مريم عليها السلام في قولها: {يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا} (٤).


(١) سورة مريم، آية (٢٣).
(٢) تفسير ابن كثير (٣/ ١١٦، ١١٧).
(٣) سورة الأعراف، آية (١٢٦).
(٤) سورة مريم، آية (٢٣).
(٥) تفسير ابن كثير (٢/ ٤٩٢).
(٦) سورة يوسف، آية (١٠١).

<<  <   >  >>