للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قدر الله شيئًا؟ قال: "هي من قدر الله" (١).

وحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من أن يأتي رجلًا فيسأله أعطاه أو منعه" (٢).

ولذا فإن دعوى أن الإيمان بقضاء الله وقدره مدعاة إلى الخمول والكسل والاتكالية كما يدعي ذلك الجهلة من أهل التصوف وغيرهم دعوى باطلة لأن قضاء الله سبحانه وتعالى وقدره لا يتخذ سبيلًا إلى التواكل، ولا ذريعة إلى المعاصي، وإنما يتخذ سبيلًا إلى تحقيق الغايات الكبرى من جلائل الأعمال، ولهذا كان الإيمان بالقضاء والقدر سر عظمة المسلمين الأولين لأنهم أخذوا بالأسباب وبذلوا جهدهم إنفاذًا لأمر الله سبحانه وتعالى وأمر رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وقد بيّن هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم فأعدوا العدة للحرب والقتال، وفكروا ودبروا وخططوا.

فالرسول - صلى الله عليه وسلم - استعان بالقدر على تحقيق رسالته الكبرى التي كلف بها عليه الصلاة والسلام فقام بها خير قيام فقاوم الجهل بالعلم، وقاوم الكفر والمعاصي بالجهاد، وقاوم الفقر بالعمل، وقاوم المرض بالدواء، وكان - صلى الله عليه وسلم - يستعيذ بالله من الهم والحزن والعجز والكسل.

وما غزواته المظفرة - صلى الله عليه وسلم - إلا دليل على أخذه بالأسباب عليه الصلاة والسلام.

وهكذا أصحابه رضي الله عنهم حيث أنهم لما سمعوا أحاديث القدر اجتهدوا في العمل أشد مما كانوا عليه ولذا كان يقول أحدهم: ما كنت


(١) تقدم تخريجه (ص ٣٤٨).
(٢) أخرجه البخاري: كتاب الزكاة، باب الاستعفاف.
ومسلم: كتاب الزكاة، باب كراهية مسألة الناس (٢/ ٧٢١).

<<  <   >  >>