للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثالث: أن هذا يستلزم إلغاء ما علق به النبي - صلى الله عليه وسلم - وجه الحجة، واعتبار ما ألغاه، فلا يلتفت إليه (١).

وأحسن جواب فسر به هذا الحديث هو أن موسى عليه السلام إنما لام آدم على المصيبة التي أصابته وذريته وهي خروجه من الجنة ونزوله إلى الأرض، ولم يكن اللوم لأنه عصى أمر الله وأكل من الشجرة يدل على ذلك قوله في الحديث: "أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة" ولم يقل له: لماذا خالفت الأمر، ولماذا عصيت؟ . . . فاللوم واقع على المصيبة، وهي مقدرة فحج آدم موسى، والناس مأمورون عند المصائب التي تصيبهم بالتسليبم لقدر الله السابق كما قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١١)} (٢).

وهذا الجواب هو جواب شيخ الإسلام ابن تيمية (٣) وتلميذه ابن القيم (٤) رحمهما الله تعالى.

وهو ما قال به ابن رجب رحمه الله تعالى حيث قال: "لما التقى آدم وموسى عليهما السلام عاتب موسى آدم على إخراجه نفسه وذريته من الجنة فاحتج آدم بالقدر السابق، والاحتجاج بالقدر على المصائب حسن كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا كان كذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل" (٥). . . (٦) والله أعلم.


(١) شفاء العليل (ص ٣٠، ٣١).
(٢) سورة التغابن آية (١١).
(٣) انظر: مجموع الفتاوى (٨/ ٣١٩).
(٤) انظر: شفاء العليل (ص ٣٨).
(٥) تقدم تخريجه (ص ٣٦١).
(٦) لطائف المعارف (ص ٥٥).

<<  <   >  >>