للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من قال لأن الذنب كان في شريعة والملام في أخرى فهذه الأمة تلوم الأمم المخالفة لرسلها المتقدمة عليها، وإن كانت لم تجمعهم شريعة واحدة.

وكذلك قول من قال إنه لامه في غير دار التكليف فهذا فاسد لوجهين:

١ - أن آدم عليه السلام إنما احتج بالقدر السابق، ولم يقل لموسى عليه السلام لم تلومني وأنا لست في دار التكليف.

٢ - أن هذه الحجة مبنية على أن اللوم لا يصح إلا في دار التكليف وهذا منقوض بوقوع اللوم في غير دار التكليف كما يلوم الله سبحانه بعض عباده المستحقين للذم بعد الموت في يوم القيامة كقوله تعالى للكفار يوم القيامة: {أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (١٠٥)} (١).

وأما من قال إن آدم حج موسى لأن موسى لامه بعد التوبة من الذنب، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.

فقد ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى أن هذا القول وإن كان أقرب إلى الصواب من غيره فإنه لا يصح لثلاثة وجوه:

أحدها: أن آدم لم يذكر ذلك الوجه، ولا جعله حجة على موسى، ولم يقل أتلومني على ذنب قد تبت منه.

الثاني: أن موسى أعرف بالله سبحانه وبأمره ودينه من أن يلوم على ذنب قد أخبره سبحانه أنه قد تاب على فاعله واجتباه بعد هداه، فإن هذا لا يجوز لآحاد المؤمنين أن يفعله فضلًا عن كليم الرحمن.


(١) سورة المؤمنون آية (١٠٥).

<<  <   >  >>