وقد اختلفت الأقوال (١) تجاه هذا الحديث ويمكن حصرها فيما يأتي:
١ - هناك فريق كذبوا هذا الحديث وردوه وقالوا: لو صح هذا الحديث لبطلت نبوات الأنبياء، فإن القدر إذا كان حجة للعاصي بطل الأمر والنهي، وهذا هو قول القدرية من المعتزلة ومن نحا نحوهم.
٢ - وهناك فريق آخر جعلوا هذا الحديث حجة على فعل المعاصي فكلما عملوا معصية احتجوا بالقدر واستدلوا بهذا الحديث وهم الجبرية ومن وافقهم.
٣ - وهناك فريق ثالث فسروه بعدة تفسيرات فبعضهم قال: إنما حجه لأنه كان أباه، والابن لا يلوم الأب.
وقال بعضهم: إنما حجه لأن الذنب كان في شريعة، واللوم في شريعة أخرى.
وقال بعضهم: إنما حجه لأن الاحتجاج به كان في الآخرة دون الدنيا.
وقال بعضهم: إنما حجه لأن اللوم كان بعد التوبة.
وهذه الأقوال كلها لا تسلم من ضعف أو اعتراض، فمن رد الحديث وكذبه فلا عبرة بقوله لأن الحديث ثابت.
وأما من قال إنما حجه لأنه أبوه فهو قول فاسد، لأن الحق يجب المصير إليه سواء كان مع الأب أو الابن أو العبد أو السيد، وكذلك قول
(١) انظر: حكاية هذه الأقوال والردود والمناقشات فيها في مجموع الفتاوى (٨/ ٣٠٣ - ٣٠٥) ودرء تعارض العقل والنقل (٨/ ٤١٨ - ٤٢٠) وشفاء العليل (ص ٢٨ - ٣١) وفتح الباري لابن حجر (١١/ ٥٠٩ - ٥١١).