للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ببعض أقوالهم ما دامت موافقة لكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وكم من الكتب التي ألفها علماء بارزون من أهل السنة والجماعة فيها شيء من أقوال بعض الصوفية، وأقرب مثال على ذلك شيخه العلامة ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى. وهذا منهج سليم وصحيح لأن المسلم الحق الذي يسير على نهج الكتاب والسنة يجب عليه أن يقبل الحق لأنه هو بغيته ومراده بغض النظر عمن قال به. روى البيهقي بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: خذ الحكمة ممن سمعت، فإن الرجل يتكلم بالحكمة، وليس بحكيم فتكون كالرمية خرجت من غير رام (١).

إلا أن الإنسان المؤمن الحق يجد في أقوال أهل السنة والجماعة ما يغني عن أقوال غيرهم من الذين يوهم النقل عنهم الرضا بسيرتهم وما هم عليه.

فابن رجب رحمه الله تعالى يعد من علماء السلف الذين كان لهم فضل في بيان عقيدة أهل السنة والجماعة، والذين جعلوا ابن رجب رحمه الله تعالى من الصوفية إنما هو بسبب خلطهم بين الزهد والتصوف، فالصوفية ومن سار على نهجهم حتى يكثروا سوادهم ويدللوا على صحة منهجهم ضموا إليهم كل من كان من العلماء زاهدًا متعففًا ومنقطعًا للعبادة وسموه صوفيًا.

والحقيقة أن هذا من قلب الموازين والمفاهيم السليمة لأن قلة الرغبة في الدنيا مع العبادة في ديننا دين الإسلام زهد وورع وتقوى، أما تسميته بذلك صوفيًا فهذا غلط لأن لفظة صوفي لفظة محدثة كما بيّن ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وذكر أنها نسبة إلى الصوف ولبسه (٢).


(١) المدخل إلى السنن الكبرى للبيهقي (ص ٤٤٧).
(٢) مجموع فتاوى ابن تيمية (١١/ ٦).

<<  <   >  >>