للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحقيقة أن ابن رجب رحمه الله تعالى بريء من المتصوفة ومن مناهجهم التي خالفوا فيها كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.

ومع ذلك فهو ليس بمعصوم فقد يوجد في بعض كلامه أو بعض ما ينقله ما لا يسلم من الهفوات والأخطاء التي وقع فيها أولئك القوم، وهذا لا يقدح في علمه وفضله لأنه كما يقال: "لكل جواد كبوة".

والإنسان مهما تعلم وقرأ لا يسلم من الخطأ، والأخطاء منها ما هو فاحش لا يمكن السكوت عنه، ومنها ما هو خطأ غير فاحش لا يلام صاحبه.

وقد تتبعت كتب ابن رجب رحمه الله تعالى التي بين يدي صغيرها وكبيرها فلم أجد ولله الحمد كلمة أو مقالة فيها رد لما ورد في كتاب الله سبحانه وتعالى أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - أو مخالفة لما كان عليه سلف هذه الأمة من أهل السنة والجماعة سوى ما ذكرت من كثرة نقوله من أقوال الصوفية خصوصًا في أنواع العبادة كالمحبة والتوكل.

والخلاصة في هذا أن الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى من علماء السلف الأفاضل المشهود لهم بالخير والصلاح وسلامة المعتقد كما سيتضح ذلك فيما أنقله من ثناء العلماء عليه وشهادتهم له بالإمامة والفضل إن شاء الله تعالى.

وما أحسن مقولة للحافظ الذهبي قال فيها: إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه، وعلم تحريه للحق، واتسع علمه وظهر ذكاؤه، وعرف صلاحه وورعه واتباعه يغفر له زلله، ولا نضلله ونطرحه، وننسى محاسنه، نعم لا نقتدي به في بدعته وخطئه، ونرجو له التوبة من ذلك (١).


(١) انظر: سير أعلام النبلاء (٥/ ٢٧١)، ترجمة قتادة بن دعامة السدوسي.

<<  <   >  >>