للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك اختار القول بالوقف طائفة منهم الأثرم (١) والبيهقي.

وذكر أن ابن عباس رجع إليه، والإمام أحمد ذكر أن ابن عباس إنما قال ذلك في أطفال المشركين، وإنما أخذه البيهقي من عموم لفظ روى عنه كما أنه روى في بعض ألفاظ حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الأطفال فقال: "الله أعلم بما كانوا عاملين" ولكن الحفاظ الثقات ذكروا أنه سئل عن أطفال المشركين. واستدل القائل بالموقف بما أخرجه مسلم (٢) من حديث عائشة أم المؤمنين قالت: توفي صبي فقلت: طوبى له عصفور من عصافير الجنة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أوَ لا تدرين أن الله خلق الجنة وخلق النار فخلق لهذه أهلًا ولهذه أهلًا". . . (٢).

وعن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من الناس مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم" (٣).

ولهذا قال الإمام أحمد: هو يرجى لأبويه فكيف يشك فيه -يعني أن يرجى لأبويه دخول الجنة بسببه- ولعل النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أولًا عن الشهادة لأطفال المسلمين بالجنة قبل أن يطلع على ذلك لأن الشهادة على ذلك تحتاج إلى علم به ثم أطلع على ذلك فأخبر به والله أعلم (٤).

ثم ذكر ابن رجب رحمه الله تعالى بعد ذلك القسم الثاني فقال:


(١) أبو بكر أحمد بن محمد بن هانئ الطائي، صاحب الإمام أحمد، كان رحمه الله جليل القدر، إمامًا حافظًا، تفقه على الإمام أحمد رحمه الله تعالى، ونقل عنه مسائل كثيرة، توفي سنة ٢٦١ هـ.
طبقات الحنابلة (١/ ٦٦) وسير أعلام النبلاء (١٢/ ٦٢٣) وتهذيب التهذيب (١/ ٧٨).
(٢) صحيح مسلم: كتاب القدر (٤/ ٢٠٥٠).
(٣) أخرجه البخاري: كتاب الجنائز، باب فضل من مات له ولد فاحتسب (٢/ ٧٢).
(٤) أهوال القبور (ص ١٠٤ - ١٠٥).

<<  <   >  >>