للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى (٢٦)} (١)، وقال سبحانه وتعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} (٢).

ففي هاتين الآيتين قيد الله عز وجل الشفاعة برضاه عن المشفوع له وهو لا يرضى إلا لأهل التوحيد الخاص.

وقد خالفت الجهميةُ، والمعتزلةُ والخوارجُ أهلَ السنة والجماعة في الشفاعة فأنكروا (٣) بعض أنواع الشفاعات السابقة كشفاعته - صلى الله عليه وسلم - وشفاعة غيره في أهل الكبائر واحتجوا على ذلك بالآيات التي فيها نفي الشفاعة كقوله تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (٤٨)} (٤) وقوله تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} (٥)، وقوله تعالى: {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ} (٦).

وأمثال ذلك من الآيات التي تتضمن نفي الشفاعة.

والحقيقة أن هذا استدلال غير صحيح لأن الشفاعة المنفية هنا هي الشفاعة في أهل الشرك، فهم الذين لا تنفعهم شفاعة الشافعين، وأما المؤمنون فهم الذين تنفعهم الشفاعة بشروطها لثبوت الأدلة عليها من الكتاب والسنة، وهي التي وفّق الله سبحانه وتعالى أهل السنة والجماعة إلى القول بها، ولا عبرة بمخالفة أهل الزيغ والضلال.

وقد تكلم ابن رجب رحمه الله تعالى عن الشفاعة وبين أنواعها فقد


(١) سورة النجم آية (٢٦).
(٢) سورة الأنبياء آية (٢٨).
(٣) انظر: شرح العقيدة الطحاوية (ص ٢٦٠).
(٤) سورة المدثر آية (٤٨).
(٥) سورة غافر آية (١٨).
(٦) سورة البقرة آية (١٢٣).

<<  <   >  >>