للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما بيّن رحمه الله تعالى بعض أوصاف أهل الجنة فقال رحمه الله تعالى: "وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبته: "وأهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط متصدق، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى، ومسلم، وعفيف متعفف ذو عيال ... " (١) ففي هذا الحديث جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل الجنة ثلاثة أصناف:

أحدهم: ذو السلطان المقسط المتصدق، وهو من كان له سلطان على الناس فسار في سلطانه بالعدل، ثم ارتقى درجة الفضل.

والثاني: الرحيم الرقيق القلب الذي لا يخص برحمته قرابته، بل يرحم المسلمين عمومًا، فتبين أن القسمين أهل الفضل والإحسان.

والثالث: العفيف المتعفف ذو العيال، وهو من يحتاج إلى ما عند الناس فيتعفف عنهم، وهذا أحد نوعي الجود، أعني العفة عما في أيدي الناس لاسيما مع الحاجة.

وقد وصف الله في كتابه أهل الجنة ببذل الندى وكف الأذى ولو كان الأذى بحق فقال: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣٤)} (٢).

فهذا حال معاملتهم للخلق، ثم وصف قيامهم بحق الحق فقال: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٣٥) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (١٣٦)} (٣).


(١) صحيح مسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٤/ ٢١٩٨).
(٢) سورة آل عمران آية (١٣٣، ١٣٤).
(٣) سورة آل عمران آية (١٣٥ - ١٣٦).

<<  <   >  >>