للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولأنها لو كانت للتأبيد المطلق لما جاز تحديد الفعل بعدها، وقد جاء ذلك في قوله تعالى: {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي} (١).

ولأنها لو كانت للتأبيد لم يقيد منفيها باليوم في قوله تعالى: {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} (٢).

فثبت أن لن لا تقتضي النفي المؤبد (٣).

إضافة إلى أن أئمة هذا الشأن وهم النحاة قالوا إن (لن) لا تفيد النفي المؤبد، قال ابن مالك (٤) في الكافية:

ومن رأى النفي بـ (لن) مؤبدًا ... فقوله أردد وخلافه أعضدا

ثم يقول في الشرح: ثم أشرت إلى ضعف قول من رأى تأبيد النفي بلن وهو الزمخشري في "أنموذجه" وحامله على ذلك اعتقاد أن الله تعالى لا يرى، وهو اعتقاد باطل بصحة ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعني ثبوت الرؤية -جعلنا الله من أهلها وأعاذنا من عدم الإيمان بها" (٥).

وما ذهب إليه أهل السنة والجماعة ووافقهم عليه ابن رجب رحمه الله تعالى في رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة عيانًا بأبصارهم كما أخبر الله عز وجل ورسوله - صلى الله عليه وسلم - عنها هو الحق الذي لا يجوز اعتقاد غيره لوضوح الأدلة عليه من الكتاب والسنة، وإجماع السلف عليه.


(١) سورة يوسف آية (٨٠).
(٢) سورة مريم آية (٢٦).
(٣) انظر: حادي الأرواح (ص ٢٠٥) وشرح العقيدة الطحاوية (ص ٢٠٨).
(٤) جمال الدين محمد بن عبد الله بن مالك أبو عبد الله الطائي النحوي صاحب التصانيف المشهورة المفيدة، ومنها الكافية الشافية وشرحها، كان إمامًا في اللغة والنحو والقراءات، توفي سنة ٦٧٢ هـ.
البداية والنهاية (١٣/ ٢٥٤) وبغية الوعاة (١/ ١٣٠).
(٥) شرح الكافية الشافية (٣/ ١٥١٥، ١٥٣١).

<<  <   >  >>