للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال رحمه الله تعالى وهو يذكر فوائد حديث الكسوف الذي رأى فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - الجنة والنار قال:

"ومنها أنه يدل على وجود الجنة والنار كما هو مذهب أهل السنة والجماعة" (١).

فخلق الجنة والنار وأنهما موجودتان الآن من عقيدة أهل السنة والجماعة وهي من المسائل التي أجمعوا عليها، وقد حكى الإجماع غير واحد منهم، ومن ذلك قول الآجري رحمه الله تعالى في الشريعة: "اعلموا رحمنا الله وإياكم أن القرآن شاهد أن الله خلق الجنة والنار قبل أن يخلق آدم عليه السلام، وخلق للجنة أهلًا وللنار أهلًا قبل أن يخرجهم إلى الدنيا لا يختلف في هذا من شمله الإسلام وذاق حلاوة طعم الإيمان، دل على ذلك القرآن والسنة فنعوذ بالله ممن كذب بهذا" (٢).

فأهل السنة والجماعة اتفقوا على القول بخلق الجنة والنار، وقالوا: إنهما موجودتان الآن، خلاف ما قالته المبتدعة من الجهمية والمعتزلة وغيرهم ممن خالفوا الأدلة الواردة في ذلك، وحادوا عن طريق الصواب وقالوا: إن الجنة والنار غير موجودتين الآن بل ينشئهما الله يوم القيامة وقالوا: إنهما لو كانتا مخلوقتين الآن لوجب أن تفنيا يوم القيامة وأن يهلك كل من فيها ويموت لعموم قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ... } (٣).

قال ابن أبي العز رحمه الله تعالى: "وحملهم على ذلك أصلهم الفاسد الذي وضعوا به شريعة لما يفعله الله، وأنه ينبغي أن يفعل كذا ولا


(١) فتح الباري ورقة (١٣٦/ أ).
(٢) الشريعة للآجري (ص ٢٢٥).
(٣) سورة القصص آية (٨٨).

<<  <   >  >>