للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ينبغي له أن يفعل كذا، وقاسوه على خلقه في أفعالهم، فهم مشبهة في الأفعال ودخل التجهم فيهم، فصاروا مع ذلك معطلة، وقالوا: خلق الجنة قبل الجزاء عبث، لأنها تصير معطلة مددًا متطاولة فردوا من النصوص ما خالف هذه الشريعة الباطلة التي وضعوها للرب تعالى، وحرفوا النصوص عن مواضعها وضللوا وبدعوا من خالف شريعتهم (١).

وأما استدلالهم بقوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} (١) فلا حجة لهم فيه.

قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: ". . . فإن احتج مبتدع أو زنديق بقول الله عز وجل: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} (١) وبنحو هذا من متشابه القرآن، قيل له: كل شيء مما كتب الله عز وجل عليه الفناء والهلاك هالك، والجنة والنار خلقهما الله للبقاء لا للفناء ولا للهلاك وهما في الآخرة لا من الدنيا" (٢).

وقال ابن أبي العز رحمه الله تعالى: ". . . . وأما احتجاجكم بقوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} (٣) فأتيتم من سوء فهمكم بمعنى الآية واحتجاجكم بها على عدم وجود الجنة والنار الآن نظير احتجاج إخوانكم على فنائهما وخرابهما وموت أهلهما، فلم توفقوا أنتم ولا إخوانكم لفهم معنى الآية، وإنما وفق لذلك أئمة الإسلام، فمن كلامهم أن المراد {كُلُّ شَيْءٍ} مما كتب الله عليه الفناء والهلاك هالك، والجنة والنار خلقتا للبقاء لا للفناء (٤).


(١) شرح العقيدة الطحاوية (ص ٤٧٦).
(٢) طبقات الحنابلة (١/ ٢٨).
(٣) سورة القصص آية (٨٨).
(٤) شرح العقيدة الطحاوية (ص ٤٧٩ - ٤٨٠).

<<  <   >  >>