للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأثبت أن السمع والبصر للباري تعالى صفتان أزليتان؛ هما إدراكان وراء العلم يتعلقان بالمدركات الخاصة بكل واحد بشرط الوجود. وأثبت اليدين، والوجه صفات خبرية. فيقول: ورد بذلك السمع فيجب الإقرار به كما ورد، وصغوه١ إلى طريقة السلف من ترك التعرض للتأويل. وله قول أيضا في جواز التأويل.

ومذهبه في الوعد والوعيد، والأسماء، والأحكام، والسمع، والعقل مخالف للمعتزلة من كل وجه.

قال: الإيمان هو التصديق بالجنان. وأما القول باللسان والعمل بالأركان ففروعه، فمن صدق بالقلب أي أقر بوحدانية الله تعالى، واعترف بالرسل تصديقا لهم فيما جاءوا به من عند الله تعالى بالقلب صح إيمانه حتى لو مات عليه في الحال كان مؤمنا ناجيا، ولا يخرج من الإيمان إلا بإنكار شيء من ذلك.

وصاحب الكبيرة إذا خرج من الدنيا من غير توبة يكون حكمه إلى الله تعالى، إما أن يغفر له برحمته، وإما أن يشفع فيه النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال: "شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي" وإما أن يعذبه بمقدار جرمه، ثم يدخله الجنة برحمته. ولا يجوز أن يخلد في النار مع الكفار، لما ورد به السمع بالإخراج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان. قال: ولو تاب فلا أقول بأنه يجب على الله تعالى قبول توبته بحكم العقل، إذ هو الموجب، فلا يجب عليه شيء. بلى ورد السمع بقبول توبة التائبين، وإجابة دعوة المضطرين، وهو المالك في خلقه يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد. فلو أدخل الخلائق بأجمعهم الجنة لم يكن حيفا. ولو أدخلهم النار لم يكن جورا، إذا الظلم هو التصرف فيما لا يملكه المتصرف. أو وضع الشيء في غير موضعه. وهو المالك المطلق؛ فلا يتصور منه ظلم. ولا ينسب إليه جور.

قال: والواجبات كلها سمعية، والعقل لا يوجب شيئا، ولا يقتضي تحسينا ولا تقبيحا فمعرفة الله تعالى بالعقل تحصل، وبالسمع تجب، قال الله تعالى: {وَمَا كُنَّا


١ صغوه: ميله.

<<  <  ج: ص:  >  >>