للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} ١ وكذلك شكر المنعم، وإثابة المطيع، وعقاب العاصي يجب بالسمع دون العقل، ولا يجب على الله تعالى شيء ما بالعقل، لا الصلاح، ولا الأصلح، ولا اللطف، وكل ما يقتضيه العقل من جهة الحكمة الموجبة، فيقتضي نقيضه من وجه آخر.

وأصل التكليف لم يكن واجبا على الله إذ لم يرجع إليه نفع، ولا اندفع به عنه ضر، وهو قادر على مجازاة العبيد ثوابا وعقابا، وقادر على الإفضال عليهم ابتداء تكرما وتفضلا. والثواب، والنعيم، واللطف كله منه فضل، والعقاب والعذاب كله عدل {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} ٢.

وانبعاث الرسل من القضايا الجائزة لا الواجبة ولا المستحيلة، ولكن بعد الانبعاث تأييدهم بالمعجزات وعصمتهم من الموبقات من جملة الواجبات، إذ لا بد من طريق للمستمع يسلكه ليعرف به صدق المدعي، ولابد من إزاحة العلل؛ فلا يقع في التكليف تناقض.

والمعجزة: فعل خارق للعادة، مقترن بالتحدي، سليم عن المعارضة، يتنزل منزلة التصديق بالقول من حيث القرينة، وهو منقسم إلى خرق المعتاد، وإلى إثبات غير المعتاد. والكرامات للأولياء حق، وهي من وجه تصديق للأنبياء، وتأكيد للمعجزات.

والإيمان والطاعة بتوفيق الله، والكفر والمعصية بخذلانه. والتوفيق عنده: خلق القدرة على الطاعة. والخذلان عنده: خلق القدرة على المعصية، وعند بعض أصحابه: تيسير أسباب الخير هو التوفيق، وبضده الخذلان. وما ورد به السمع من الإخبار عن الأمور الغائبة مثل: القلم، واللوح، والعرش، والكرسي، والجنة، والنار؛ فيجب إجراؤها على ظاهرها والإيمان بها كما جاءت، إذ لا استحالة في إثباتها. وما ورد من الأخبار عن الأمور المستقبلة في الآخرة مثل: سؤال القبر، والثواب والعقاب فيه،


١ الإسراء آية ١٥.
٢ الأنبياء ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>