للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهم الذين أولهم ذو الخويصرة١، وآخرهم ذو الثدية، وإنما خروجهم في الزمن الأول على أمرين:

أحدهما: بدعتهم في الإمامة، إذ جوزوا أن تكون الإمامة في غير قريش، وكل من نصبوه برأيهم وعاشر الناس على ما مثلوا له من العدل واجتناب الجور كان إماما، ومن خرج عليه يجب نصب القتال معه، وإن غير السيرة وعدل عن الحق وجب عزله أو قتله، وهم أشد الناس قولا بالقياس، وجوزوا أن لا يكون في العالم إمام أصلا، وإن احتيج إليه فيجوز أن يكون عبدا أو حرا، أو نبطيا، أو قريشا.

والبدعة الثانية: أنهم قالوا: أخطأ علي في التحكيم إذ حكم الرجال ولا حكم إلا الله، وقد كذبوا على علي رضي الله عنه من وجهين:

أحدهما: في التحكيم؛ أنه حكم الرجال، وليس ذلك صدقا، لأنهم هم الذين حملوه على التحكيم.

والثاني: أن تحكيم الرجال جائز؛ فإن القوم هم الحاكمون في هذه المسألة، وهم رجال، ولهذا قال علي رضي الله عنه "كلمة حق أريد بها باطل" وتخطوا عن هذه التخطئة إلى التكفير، ولعنوا عليا رضي الله عنه فيما قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين


١ في الكامل للمبرد ٣/ ٩١٩ ط الحلبي "ويروي أن رجلا أسود شديد بياض الثياب وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم غنائم خيبر، ولم تكن إلا لمن شهد الحديبية، فأقبل ذلك الأسود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما عدلت منذ اليوم. فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رؤي الغضب في وجهه. فقال عمر بن الخطاب: ألا أقتله يا رسول الله؟ فقال رسول الله: "إنه سيكون لهذا ولأصحابه نبأ".
وفي حديث آخر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "ويحك فمن يعدل إذا لم أعدل"، ثم قال لأبي بكر: "اقتله". فمضى ورجع فقال: يا رسول الله، رأيته راكعا ثم قال لعمر "اقتله". فمضى ثم رجع فقال يا رسول الله، رأيته ساجدا، ثم قال لعلي: "اقتله"، فمضى ثم رجع فقال: يا رسول الله، لم أره. فقال رسول الله: "لو قتل هذا ما اختلف اثنان في دين الله".
ومن رواية أخرى " ... فقام إليه رجل مضطرب الخلق، غائر العين، ناتئ الجبهة، فقال له: لقد رأيت قسمة ما أريد بها وجه الله؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورد خداه، ثم قال: "أيأمنني الله عز وجل على أهل الأرض ولا تأمنوني؟ " فقام إليه عمر فقال: ألا أقتله يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "إنه سيكون من ضئضئ هذا ... الحديث ".

<<  <  ج: ص:  >  >>