للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقاتل الناكثين واغتنم أموالهم، وما سبى ذراريهم ونساءهم، وقتل مقاتلة من القاسطين، وما اغتنم ولا سبى، ثم رضي بالتحكيم، وقاتل مقاتلة المارقين واغتنم أموالهم وسبى ذراريهم.

وطعنوا في عثمان رضي الله عنه للأحداث التي عدوها عليه، وطعنوا في أصحاب الجمل وأصحاب صفين.

فقاتلهم علي رضي الله عنه بالنهروان مقاتلة شديدة، فما انفلت منهم إلا أقل من عشرة، وما قتل من المسلمين إلا أقل من عشرة، فانهزم اثنان منهم إلى عمان، واثنان إلى كرمان، واثنان إلى سجستان، واثنان إلى الجزيرة، وواحد إلى تل مورون باليمن، وظهرت بدع الخوارج في هذه المواضع منهم وبقيت إلى اليوم.

وأول من بويع من الخوارج بالإمامة: عبد الله بن وهب الراسبي في منزل زيد بن الحصين. بايعه عبد الله بن الكواء، وعروة بن جرير، ويزيد بن عاصم الحاربي، وجماعة منهم، وكان يمتنع عليهم تحرجا، ويستقبلهم ويومئ إلى غيره تحرزا، فلم يقنعوا إلا به، وكان يوصف برأي ونجدة، فتبرأ من الحكمين، وممن رضي بقولهما وصوب أمرهما. وأكفروا أمير المؤمنين عليا رضي الله عنه، وقالوا: إنه ترك حكم الله، وحكم الرجال. وقيل إن أول من تلفظ بهذا رجل من بني سعد بن زيد بن مناة بن تميم، يقال له الحجاج بن عبيد الله، يلقب بالبرك، وهو الذي ضرب معاوية على أليته، لما سمع بذكر الحكمين؛ وقال: أتحكم في دين الله؟ لا حكم إلا لله، فلنحكم بما حكم الله في القرآن به، فسمعها رجل فقال: طعن والله فأنفذ! فسموا المحكمة بذلك، ولما سمع أمير المؤمنين علي رضي الله عنه هذه الكلمة قال: "كلمة عدل أريد بها جور، إنما يقولون: لا إمارة ولا بد من إمارة بر أو فاجر".

ويقال إن أول سيف سل من سيوف الخوارج سيف عروة١ بن حدير، وذلك


١ عروة بن حدير نسبة إلى أبيه، ويسمى في كتب الأدب عروة بن أدية، نسبة إلى جدته أو إلى مرضعته.

<<  <  ج: ص:  >  >>