أنه أقبل على الأشعث بن قيس فقال: ما هذه الدنية يا أشعث؟ وما هذا التحكيم؟ أشرط أحدكم أوثق من شرط الله تعالى؟! ثم شهر السيف والأشعث مولى فضرب به عجز البغلة، فشبت البغلة فنفرت اليمانية، فلما رأى ذلك الأحنف مشى هو وأصحابه إلى الأشعث فسألوه الصفح؛ ففعل.
وعروة بن حدير نجا بعد ذلك من حرب النهروان وبقي إلى أيام معاوية، ثم أتى إلى زياد بن أبيه ومعه مولى له؛ فسأله زياد عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فقال فيهما خيرا، وسأله عن عثمان، فقال: كنت أوالي عثمان على أحواله في خلافته ست سنين. ثم تبرأت منه بعد ذلك للأحداث التي أحدثها، وشهد عليه بالكفر. وسأله عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، فقال: كنت أتولاه إلى أن حكم الحكمين، ثم تبرأت منه بعد ذلك، وشهد عليه بالكفر. وساله عن معاوية فسبه سبا قبيحا. ثم سأله عن نفسه فقال: أولك لزنية، وآخرك لدعوة، وأنت فيما بينهما بعد عاص ربك. فأمر زياد بضرب عنقه، ثم دعا مولاه فقال له: صف لي أمره واصدق. فقال: أأطلب أم أختصر فقال: بل اختصر، قال: ما أتيته بطعام في نهار قط، ولا فرشت له فراشا بليل قط، هذه معاملته واجتهاده، وذلك خبثه واعتقاده.