للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع عسكره يريد اللحوق بالأزارقة. فاستقبله أبو فديك وعطية بن الأسود الحنفي في الطائفة الذين خالفوا نافع بن الأزرق؛ فأخبروه بما أحدثه نافع بن الخلاف، بتكفير القعدة عنه، وسائر الأحداث والبدع. وبايعوا نجدة وسموه أمير المؤمنين. ثم اختلفوا على نجدة فأكفره قوم منهم لأمور نفموها عليه:

منها أنه بعث ابنه مع جيش إلى أهل القطيف فقتلوا رجالهم، وسبوا نسائهم وقوموها على أنفسهم وقالو: إن صارت قيمتهن في حصصنا فذاك، وإلا رددنا الفضل: ونكحوهن قبل القسمة. وأكلوا من الغنيمة قبل القسمة. فلما رجعوا إلى نجدة وأخبروه بذلك قال: لم يسعكم ما فعلتم؟ قالوا: لم نعلم أن ذلك لا يسعنا. فعذرهم بجهالتهم.

واختلف أصحابه بذلك. فمنهم من وافقه، وعذر بالجهالات في الحكم الاجتهادي، وقالوا: الدين أمران:

أحدهما: معرفة الله تعالى، ومعرفة رسله عليهم الصلاة والسلام، وتحريم دماء المسلمين، يعنون موافقيهم. والإقرار بما جاء من عند الله جملة. فهذا واجب على الجميع، والجهل به لا يعذر فيه.

والثاني: ما سوى ذلك، فالناس معذورون فيه إلى أن تقوم عليهم الحجة في الحلال والحرام. قالوا: ومن جوز العذاب على المجتهد المخطئ في الأحكام قبل قيام الحجة عليه، فهو كافر.


= فاختفى نجدة في دار بعض عاذريه ينتظر رجوع عساكره الذين كان قد فرقهم في سواحل الشام ونواحي اليمن. ونادى منادي أبي فديك: من دلنا على نجدة فله عشرة آلاف درهم. وأي مملوك دلنا عليه فهو حر. فدلت عليه أمة للذين كان نجدة عندهم، فأنفذ أبو فديك راشد الطويل في عسكره غليه فكبسوه وحملوا رأسه إلى أبي فديك. فلما قتل نجدة صارت النجدات بعده ثلاث فرق: فرقة أكفرته وصارت إلى أبي فديك، كراشد الطويل، وأبي بهيس، وأبي الشمراخ وأتباعهم. وفرقة عذرته فيما فعل وهم النجدات اليوم. وفرقة من النجدات بعدوا عن اليمامة وكانوا بناحية البصرة، شكوا فيما حكي من أحداث نجدة، وتوقفوا في أمره وقالوا: لا ندري هل أحدث تلك الأحداث أم لا، فلا نبرأ منه إلا باليقين".
"وبقي أبو فديك بعد قتل نجدة إلى أن بعث إليه عبد الملك بن مروان: عمر بن عبيد الله بن معمر التميمي في جند فقتلوا أبا فديك وبعثوا برأسه إلى عبد الملك بن مروان، فهذه قصة النجدات".

<<  <  ج: ص:  >  >>