واستحل نجدة بن عامر دماء أهل العهد والذمة وأموالهم في حال التقية، وحكم بالبراءة ممن حرمها. قال: وأصحاب الحدود من موافقيه، لعل الله تعالى يعفو عنهم. وإن عذبهم ففي غير النار، ثم يدخلهم الجنة؛ فلا تجوز البراءة عنهم.
قال: ومن نظر نظرة، أو كذب كذبة صغيرة أو كبيرة وأصر عليها فهو مشرك. ومن زنى، وشرب، وسرق غير مصر عليه فهو غير مشرك. وغلظ على الناس في حد الخمر تغليظا شديدا.
ولما كاتب عبد الملك بن مروان وأعطاء الرضى، نقم عليه أصحابه فيه، فاستتابوه، فأظهر التوبة فتركوا النقمة عليه والتعرض له. وندمت طائفة على هذه الاستتابة وقالوا: أخطأنا وما كان لنا أن نستتيب الإمام، وما كان له أن يتوب باستتابتنا إياه. فتابوا من ذلك وأظهروا الخطأ، وقالوا له: تب من توبتك وإلا نابذناك، فتاب من توبته.
وفارقه أبو فديك وعطية. ووثب عليه أبو فديك فقتله. ثم برئ أبو فديك من عطية، وعطية من أبي فديك. وأنفذ عبد الله بن مروان: عمر بن عبيد الله بن معمر التميمي مع جيش إلى حرب أبي فديك فحاربه أياما، فقتله ولحق عطية بأرض سجستان، ويقال لأصحابه العطوية. ومن أصحابه: عبد الكريم بن عجرد زعيم العجاردة.
وإنما قيل للنجدات: العاذرية، لأنهم عذروا بالجهالات في أحكام الفروع. وحكى الكعبي عن النجدات: أن التقية جائزة في القول والعمل كله، وإن كان في قتل النفوس. قال: وأجمعت النجدات على أنه لا حاجة للناس إلى إمام قط. وإنما عليهم أن يتناصفوا فيما بينهم. فإن هم رأوا أن ذلك لا يتم إلا بإمام يحملهم عليه فأقاموه، جاز.
ثم افترقوا بعد نجدة إلى: عطوية، وفديكية. وبرئ كل واحد منهما عن صاحبه بعد قتل نجدة. وصارت الدار لأبي فديك إلا من تولى نجدة. وأهل سجستان وخراسان وكرمان وقهستان، من الخوارج على مذهب عطية.
وقيل: كان نجدة بن عامر، ونافع بن الأزرق قد اجتمعا بمكة مع الخوارج على