للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكيسانيا، قال بإمامة محمد بن الحنفية بعد أمير المؤمنين علي رضي الله عنهما. وقيل لا، بل عبد الحسن والحسين رضي الله عنهما، وكان يدعو الناس إليه، وكان يظهر أنه من رجاله ودعاته، ويذكر علوما مزخرفة بترهاته ينوطها به.

ولما وقف محمد بن الحنفية على ذلك تبرأ منه، وأظهر لأصحابه أنه إنما نمس على الخلق ذلك ليتمشى أمره، ويجتمع الناس عليه.

وإنما انتظم له ما انتظم بأمرين: أحدهما انتسابه إلى محمد بن الحنفية علما ودعوة والثاني: قيامه بثأر الحسين بن علي رضي الله عنهما، واشتغاله ليلا ونهارا بقتال الظلمة الذين اجتمعوا على قتل الحسين.

فمن مذهب المختار: أنه يجوز البداء على الله تعالى. والبداء له معان: البداء في العلم وهو أن يظهر له خلاف ما علم؛ ولا أظن عاقلا يعتقد هذا الاعتقاد.


= وقال "فإن المختار كان يدعي أنه يلهم ضربا من الشجاعة لأمور تكون. ثم يحتال فيوقعها، فيقول للناس: هذا من عند الله عز وجل".
"فمن ذلك قوله ذات يوم: لتنزلن من السماء نار دهماء، فلتحرقن دار أسماء. فذكر ذلك لأسماء بن خارجة فقال: أقد سجع بي أبو إسحاق؟ هو والله محرق داري: فتركه والدار وهرب من الكوفة".
"وقال في بعض سجعه: أما والذي شرع الأديان، وجنب الأوثان، وكره العصيان لأقتلن أزد عمان، وجل قيس عيلان، وتميما أولياء الشيطان. حاشا النجيب ظبيان. فكان ظبيان النجيب يقول: لم أزل في عمر المختار أتقلب آمنا".
"وكان من عجائب المختار أنه كتب إلى إبراهيم بن مالك الأشتر يسأله الخروج إلى الطلب بدم الحسين بن علي رضي الله عنهما فأبى عليه إبراهيم إلا أن يستأذن محمد بن علي بن أبي طالب. فكتب إليه يستأذنه ذلك فعلم محمد أن المختار لا عقد له. فكتب محمد إلى إبراهيم بن الأشتر: إنه ما يسوءني أن يأخذ الله بحقنا على يدي من يشاء من خلقه. فخرج معه إبراهيم بن الأشتر فتوجه نحو عبيد الله بن زياد، وخرج يشيعه ماشيا فقال له إبراهيم: اركب يا أبا إسحاق. فقال: إني أحب أن تغير قدماي في نصرة آل محمد صلى الله عليه وسلم. فشيعه رسخين ودفع إلى قوم من خاصته حماما بيضا ضخاما وقال: إن رأيتم الأمر لنا فدعوها. وإن رأيتم الأمر علينا فأرسلوها. وقال للناس. إن استقمتم فبنصر الله. وإن حصتم حيصة فإني أجد في محكم الكتاب. وفي اليقين والصواب. أن الله مؤيدكم بملائكة غضاب تأتي في صور الحمام دون السحاب".

<<  <  ج: ص:  >  >>