للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان يخرج واحد بعد واحد من الأئمة ويلي أمرهم. وخالفوا بني أعمامهم من الموسوية في مسائل الأصول. ومات أكثر الزيدية بعد ذلك عن القول بأنه المفضول، وطعنت في الصحابة طعن الإمامية. وهم أصناف ثلاثة: جارودية، وسليمانية، وبترية. والصالحية منهم والبترية على مذهب واحد.

"أ" الجارودية:

أصحاب أبي الجارود١ زياد بن أبي زياد. زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم نص


١ "في فرق الشيعة" للنوبختي ص٤٨ "وفرقة قالت إن الإمامة صارت بعد مضي الحسين في ولد الحسن والحسين. فهي فيهم خاصة دون سائر ولد علي بن أبي طالب، وهم كلهم فيها شرع سواء من قام منهم ودعا إلى نفسه فهو الإمام المفروض الطاعة بمنزلة علي بن أبي طالب واجبة إمامته من الله عز وجل على أهل بيته وسائر الناس كلهم. فمن تخلف عنه في قيامه ودعائه إلى نفسه من جميع لخلق فهو هالك كافر. ومن ادعى منهم الإمامة وهو قاعد في بيته مرخى عليه ستره فهو كافر مشرك، وكل من اتبعه على ذلك وكل من قال بإمامته. وهم الذين سموا السرحوبية. وأصحاب أبي خالد الواسطي واسمه يزيد، وأصحاب بن الزبير الرسان، وزياد بن المنذر وهو الذي يسمى أبا الجارود، ولقبه سرحوب محمد بن علي بن الحسين بن علي، وذكر أن سرحوبا شيطان أعمى يسكن البحر. وكان أبو الجارود أعمى البصر، أعمى القلب فالتقوا هؤلاء مع الفرقتين اللتين قالتا إن عليا أفضل الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم وآله، فصاروا مع زيد بن علي بن الحسين عند خروجه بالكوفة فقالوا بإمامته، فسموا كلهم في الجملة الزيدية، إلا أنهم مختلفون فيما بينهم في القرآن والسنن والشرائع والفرائض والأحكام".
"وذلك أن السرحوبية قالت: الحلال حلال آل محمد صلى الله عليه وآله. والحرام حرامهم. والأحكام أحكامهم. وعندهم جميع ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله كله كامل عند صغيرهم وكبيرهم. والصغير منهم والكبير في العلم سواء، لا يفضل الكبير الصغير، من كان منهم في الخرق والمهد إلى أكبرهم سنا".
"وقال بعضهم: من ادعى أن من كان منهم في المهد والخرق ليس علمه مثل علم رسول الله صلى الله عليه وآله فهو كافر بالله مشرك. وليس يحتاج أحد منهم أن يتعلم من أحد منهم ولا من غيرهم. العلم ينبت في صدورهم كما ينبت الزرع المطر. فالله عز وجل قد علمهم بلفظه كيف شاء. وإنما قالوا بهذه المقالة كراهة أن يلزموا الإمامة بعضهم دون بعض فينتقض قولهم إن الإمامة صارت فيهم جميعا فهم فيها شرع سواء. وهم مع ذلك لا يروون عن أحد منهم علما ينتفعون به إلا ما يروون عن أبي جعفر محمد بن علي، وأبي عبد الله جعفر بن محمد وأحاديث قليلة عن زيد بن علي وأشياء يسيرة عن عبد الله بن الحسن المحض. ليس مما قالوا وادعوه في أيديهم شيء أكثر من دعوى كاذبة. لأنهم وصفوهم بأنهم يعلمون كل شيء تحتاج إليه الأمة من أمر دينهم ودنياهم ومنافعها ومضارها بغير تعليم". =

<<  <  ج: ص:  >  >>