للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأول تنازع وقع في مرضه عليه الصلاة والسلام فيما رواه الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري بإسناده عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه، قال: "لما اشتد بالنبي صلى الله عليه وسلم مرضه الذي مات فيه قال: "ائتوني بدواة وقرطاس أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدي" فقال عمر رضي الله عنه: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلبه الوجع، حسبنا كتاب الله" وكثر اللغط١، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "قوموا عني، لا ينبغي عندي التنازع" قال ابن عباس: "الرزية كل الرزية ما حال بيننا وبين كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم".

الخلاف الثاني: في مرضه أنه قال: "جهزوا جيش أسامة، لعن الله من تخلف عنه" فقال قوم: يجب علينا امتثال أمره، وأسامة قد برز من المدينة. وقال قوم: قد اشتد مرض النبي عليه الصلاة والسلام فلا تسع قلوبنا مفارقته، والحالة هذه، فنصبر حتى نبصر أي شيء يكون من أمره.

وإنما أوردت هذين التنازعين، لأن المخالفين ربما عدوا ذلك من الخلافات المؤثرة في أمر الدين، وليس كذلك. وإنما كان الغرض كله: إقامة مراسم الشرع في حال تزلزل القلوب، وتسكين نائرة٢ الفتنة المؤثرة عند تقلب الأمور.

الخلاف الثالث: في موته عليه السلام، قال عمر بن الخطاب: من قال: إن محمدا قد مات قتلته بسيفي هذا؛ وإنما رفع إلى السماء كما رفع عيسى عليه السلام، وقال أبو بكر بن أبي قحافة رضي الله عنه: من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد إله


١ اللغط: الصوت المبهم والجلبة.
٢ نائرة الفتنة: نأرت في الناس نائرة، هاجت هائجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>