للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد فإن إله محمد حي لم يمت ولن يموت، وقرأ قول الله سبحانه وتعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} ١ فرجع القوم إلى قوله؛ وقال عمر رضي الله عنه: "كأني ما سمعت هذه الآية حتى قرأها أبو بكر".

الخلاف الرابع: في موضع دفنه عليه السلام، أراد أهل مكة من المهاجرين رده إلى مكة لأنها مسقط رأسه، ومأنس نفسه، وموطئ قدمه، وموطن أهله، وموقع رحله؛ وأراد أهل المدينة من الأنصار دفنه بالمدينة لأنها دار هجرته، ومدار نصرته؛ وأرادت جماعة نقله إلى بيت المقدس لأنه موضع دفن الأنبياء، ومنه معراجه إلى السماء. ثم اتفقوا على دفنه بالمدينة لما روى عنه عليه الصلاة والسلام: "الأنبياء يدفنون حيث يموتون".

الخلاف الخامس: في الإمامة، وأعظم خلاف بين الأمة خلاف الإمامة، إذ ما سل سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سل على الإمامة في كل زمان. وقد سهل الله تعالى ذلك في الصدر الأول، فاختلف المهاجرون والأنصار فيها، فقالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير واتفقوا على رئيسهم سعد بن عبادة الأنصاري، فاستدركه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما في الحال بأن حضرا سقيفة بني ساعدة، وقال عمر: كنت أزور٢ في نفسي كلاما في الطريق، فلما وصلنا إلى السقيفة أردت أن أتكلم فقال أبو بكر: مه٣ يا عمر، فحمد الله وأثنى عليه، وذكر ما كنت أقدره في نفسي كأنه يخبر عن غيب، فقبل أن يشتغل الأنصار بالكلام مددت يدي إليه فبايعته وبايعه الناس وسكنت الفتنة،


١ آل عمران آية ١٤٤.
٢ أزور كلاما: أحسن كلاما وأقومه وأنمقه.
٣ مه: اكفف.

<<  <  ج: ص:  >  >>