النور، فوثب وثبة، فصار في سلطان الله في النور، وأدخل معه هذه الآفات والشرور، فخلق الله تعالى هذا العالم شبكة له فوقع فيها، وصار متعلقا بها لا يمكنه الرجوع إلى سلطانه، فهو محبوس في هذا العالم، مضرب في الحبس، يرمى بالآفات والمحن والفتن إلى خلق الله تعالى، فمن أحياه الله رماه بالموت، ومن أصحه رماه بالسقم، ومن سره رماه بالحزن. فلا يزال كذلك إلى يوم القيامة، وفي كل يوم ينقص سلطانه حتى لا تبقى له قوة. فإذا كانت القيامة ذهب سلطانه، وخمدت نيرانه، وزالت قوته، واضمحلت قدرته فيطرحه في الجو، والجو ظلمة ليس لها حد ولا منتهى. ثم يجمع الله تعالى أهل الأديان، فيحاسبهم، ويجازيهم على طاعة الشيطان وعصيانه.
وأما المسخية، فقالت إن النور كان وحده نورا محضا، ثم انمسخ بعضه فصار ظلمة. وكذلك الخرمدينية قالوا بأصلين، ولهم ميل إلى التناسخ، والحلول، وهم لا يقولون: بأحكام، وحلال، وحرام.
ولقد كان في كل أمة من الأمم قوم، مثل الإباحية، والمزدكية، والزنادقة، والقرامطة كان تشويش ذلك الدين منهم، وفتنة الناس مقصورة عليهم.