للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ضرورة الوجود التضاد، فوجوده ضروري، وواقع في الخلق لا بالقصد الأول، كما ذكرنا في الشخص والظل.

وله كتاب قد صنفه وقيل إن ذلك أنزل عليه وهو "زند أوستا"، يقسم العالم قسمين مينة وكيتي، يعني الروحاني، والجسماني، أو الروح والشخص. وكما قسم الخلق إلى عالمين، يقول إن ما في العالم ينقسم قسمين بخشش، وكنش، يريد به: التقدير والفعل، وكل واحد مقدر على الثاني. ثم يتكلم في موارد التكليف، وهي حركات الإنسان، فيقسمها ثلاثة أقسام: منش، وكويش، وكنش، يعني بذلك: الاعتقاد، والقول والعمل، وبالثلاثة يتم التكليف، فإذا قصر الإنسان فيها خرج عن الدين والطاعة، وإذا جرى في هذه الحركات على مقتضى الأمر والشريعة فاز الفوز الأكبر.

وتدعي الزردشتية له معجزات كثيرة، منها: دخول قوائم فرس كشتاسب في بطنه، وكان زردشت في الحبس، فأطلقه، فانطلقت قوائم الفرس. ومنها أنه مر على أعمى بالدينور فقال: خذوا حشيشة وصفها لهم واعصروا ماءها في عينه، فإنه يبصر، ففعلوا، فأبصر الأعمى.

وهذا من جملة معرفتهم بخاصية الحشيشة، وليس من المعجزات في شيء.

ومن المجوس الزردشتية صنف يقال لهم السيسانية، والبهافريدية، رئيسهم رجل يقال له سيسان من رستاق١ نيسابور، من ناحية يقال لها خواف. خرج في أيام أبي مسلم، صاحب الدولة. وكان زمزميا في الأصل، يعبد النيران، ثم ترك ذلك ودعا المجوس إلى ترك الزمزية، ورفض عبادة النيران. ووضع لهم كتابا، وأمرهم فيه بإرسال الشعور، وحرم عليهم الأمهات، والبنات، والأخوات، وحرم عليهم الخمر، وأمرهم باستقبال الشمس عند السجود على ركبة واحدة، وهم يتخذون الرباطات، ويتباذلون الأموال، ولا يأكلون الميتة، ولا يذبحون الحيوان حتى يهرم, وهم أعدى خلق الله للمجوس الزمازمة. ثم إن


١ رستاق: كلمة معربة، بمعنى الناحية التي هي طرف الإقليم.

<<  <  ج: ص:  >  >>