للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السؤال الثاني: قال: لمَ لم تُخلق الأشياء كلها في زمان غير متناه؟ إذ قد جعلتَ الزمان نصفين: نصفه متناه، ونصفه غير متناه، فلو خلقتها في زمان غير متناه, كان لا يستحيل شيء منها.

قال أورمزد: فإذن كان لا يمكن أن تفنى -ثم- آفات الأثيم إبليس.

السؤال الثالث: قال: مماذا خلقت هذا العالم؟

قال أورمزد: خلقت جميع هذا العالم من نفسي. أما أنفس الأبرار فمن شعر رأسي. وأما السماء فمن أم رأسي. والظفر والمعاضد فمن جبهتي، والشمس فمن عيني، والقمر فمن أنفي، والكواكب فمن لساني، وسروس وسائر الملائكة فمن أذني، والأرض فمن عصب رجلي. وأريت هذا الدين أولا كيومرث، فشعر به وحفظه من غير تعلم ولا مدارسة.

قال زردشت: فلماذا أريت هذا الدين كيومرث بالوهم؟ وألقيته إلي بالقول؟

قال أورمزد: لأنك تحتاج أن تتعلم هذا الدين وتعلمه غيرك. وكيومرث لم يجد من يقبله، فأمسك عن التكلم، وهذا خير لك، لأني أقول أنت تسمع، وأنت تقول والناس يسمعون ويقبلون.

فقال زردشت لأورمزد: هل أريت هذا الدين أحدا قبلي غير كيومرث؟

قال: بلى! أريت هذا الدين "جم" خمسين نجما مخمسا؛ من أجل إنكاره الضحاك.

قال: إذا كنت عالما أنه لا يقبله، فلماذا أريته؟ قال: لو لم أره لما صار إليك، وقد أريته أيضا أفريدون، وكيكاوس، وكيقباد، وكشتاسب.

قال زردشت: خلقك العالم، وترويجك الدين لأي شيء؟

قال: لأن فناء العفريت الأثيم لا يمكن إلا بخلق العالم، وترويج الدين، ولو لم يتروج أمر الدين لما أمكن أن تتروج أمور العالم.

فلما أخذ زردشت الدين من أورمزد الوهاب، واستحكمه، وعمل به، وزمزم في بيت

<<  <  ج: ص:  >  >>