عليه؛ غاظ ذلك "كون" الأثيم وأقلقه، إذ كان شريرا، ممتلئا موتا، وظلمة، وبلاء، ومحنة، فدعا بشياطينه، وأسماؤهم: برى ديوانياخ ودويهمان زوش، ونومر بفنارديو، وأمرهم جميعا بالمسير إلى زردشت وقتله. فعلم زردشت بذلك، فقرأ وزمزم، وأراق الماء على يدى مارسيان، فانهزموا عنه مقهورين. وجرت محاربات أخرى، فهزمهم زردشت بإحدى وعشرين آية، من كتابه أوستا، وتوارت الشياطين عن الناس.
ولما بلغ زردشت مبلغ الكمال بأربعين سنة، وتمت له المخاطبات في سبع عودات إلى أورمزد اكمل فيها معرفة شرائع دين الله وفرائضه وسننه أمره الله بالمسير إلى كشتاسب الملك، وإظهار ذكر الله، واسمه فنفذ لأمر الله، ودعا ملكين كانا بذلك الصقع يقال لهما: فور بماراى وبيويدست، فدعاهما إلى دين الله، والكفر بالشيطان، وفعل الخير، واجتناب الشر، فلم يقبلا قوله، وأخذتهما العزة بالإثم، فجاءتهما ريح، فحملتهما من الأرض، ووقفت بهما في الهواء، واجتمع الناس ينظرون إليهما، فقشيهما الطير من كل ناحية، واتوا على لحومهما، وسقطت عظامهما على الأرض.
ولما بلغ كشتاسب لقي منه كل ما أنبأه به أورمزد من الحبس والبلاء، حتى حدث أمر الفرس الذي دخلت قوائمه في باطن بدنه، حتى لم ير أثرها في جسده، واستبهم حاله على الناس، وتحيروا، وأخرجه كشتاسب من الحبس، وسأله الحال، فقال: تلك آية من آيات صدقى، الذي أخبرني به إلهي وخالقي، وشارطهم على الإيمان به إن هو دعا وأخرج قوائم الفرس، وشرطوا، ودعا باسم الله، فخرجت قوائم الفرس كما كانت، فآمن به كشتاسب، وأمر بجمع علماء أهل زمانه من بابل، وإيران شهر، وأمرهم بمحاورة زردشت، فناظروه، فاعترفوا له بالفضيلة.
قال: ومما جاء به زردشت المصطفى من دين مارسيان أن إلهه أورمزد لم يزل، ولم يزل معه شيء سماه: أسنى أسنه وهو شيء مضيء حوله، وهو فوق، وأن إبليس لم يزل معه شيء سماه: أستا أستاه، وهو مظلم حوله. وهو أسفل.