فيه أكثر، والروح عليه أغلب، ومن كان لأمره تعالى أنكر، وبشرائعه أكذب: كانت الشيطنة عليه أغلب.
هذه قاعدتنا في الروحانيات، فلا روحاني أبلغ في الروحانية، من ذوات الأنبياء والرسل عليهم السلام.
وأما قولكم: إن الشرف للعلو, إن عنيتم به علو الجهة فلا شرف فيه، فكم من عال جهة: سافل رتبة، وعلما، وذاتا، وطبيعة، وكم من سافل: جهة عال على الأشياء كلها رتبة، وفضيلة، وذاتا، وطبيعة.
وأما قولكم: إن الاعتبار في الشرف بذوات الأشياء، وصفاتها، ومحالها، ومراكزها، فليس بحق، وهو مذهب اللعين الأول حيث نظر إلى ذاته، وذات آدم عليه السلام، ففضل ذاته، إذ هي مخلوقة من النار، وهي علوية نورانية، على ذات آدم وهو مخلوق من الطين، وهو سفلي ظلماني.
بل عندنا الاعتبار في الشرف بالأمر وقبوله. فمن كان أقبل لأمره، وأطوع لحكمه، وأرضى بقدره فهو أشرف، ومن كان على خلاف ذلك فهو أبعد، وأخس، وأخبث. فأمر الباري تعالى هو الذي يعطي الروح {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} ١، وبالروح يحيا الإنسان الحياة الحقيقية، وبالحياة يستعد للعقل الغريزي، وبالعقل يكتسب الفضائل ويجتنب الرذائل. ومن لم يقبل أمر الباري تعالى فلا روح له، ولا حياة له، ولا عقل له، ولا فضيلة له، ولا شرف عنده.
قالت الصابئة:
الروحانيات فضلت الجسمانيات بقوتي العلم، والعمل.
أما العلم فلا ينكر إحاطتهم بمغيبات الأمور عنا، وإطلاعها على مستقبل الأحوال الجارية علينا، ولأن علومها كلية، وعلوم الجسمانيات جزئية، وعلومهم فعلية، وعلوم