للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا عجبا كل العجب من تركيب على هذا النمط!! ومن أين لغيره مثله؟؟

ونعود إلى ترتيب القوى وتعيين محالها.

أما القوى المتعلقة بالبدن التي ذكرناها آلات ومشاعر للجوهر الإنساني.

فالأولى منها: الحس المشترك المعروف "ببنطاسيا" الذي هو مجمع الحواس، ومورد المحسوسات، وآلتها الروح المصبوب في مبادئ عصب الحس، لا سيما في مقدم الدماغ.

والثانية: الخيال والمصورة. وآلتها الروح المصبوب في البطن والمقدم من الدماغ، لا سيما في الجانب الأخير.

والثالثة: الوهم الذي هو لكثير من الحيوان، وهو ما به تدرك الشاة معنى في الذئب فتنفر منه، وبه تدرك معنى في النوع فتنفر إليه وتزدوج به، وآلته الدماغ كله، لكن الأخص منه به هو التجويف الأوسط.

والرابعة: المفكرة, وهي قوة لها أن تركب وتفصل ما يليها من الصور المأخوذة عن الحس المشترك والمعاني الوهمية المدركة بالوهم، فتارة تجمع، وتارة تفصل، وتارة تلاحظ العقل فتعرض عليه، وتارة تلاحظ الحس فتأخذ منه، وسلطانها في الجزء الأول من وسط الدماغ، وكأنها قوة ما للوهم، وتتوسط بين الوهم والعقل.

والخامسة: القوة الحافظة, وهي التي كالخزانة لهذه المدركات الحسية، والوهمية، والخيالية دون العقلية الصرفة، فإن المعقول البحت لا يرتسم في جسم ولا في قوة في جسم، والحافظة قوة في جسم، وآلتها الروح المصبوب في أول البطن المؤخر من الدماغ.

والسادسة: القوة الذاكرة، وهي التي تستعرض ما في الخزانة على جانب العقل أو على الخيال والوهم، وآلتها الروح المصبوب في آخر البطن المؤخر من الدماغ.

وأما المعقول الصرف المبرأ عن الشوائب المادية، فلا يحل في قوة جسمانية وآلة جسدانية، حتى يقال ينقسم بانقسامها، ويتحقق لها وضع ومثال، ولهذا لم تكن القوة الحافظة، خزانة لها، بل المصدر الأول الذي أفاض عليها تلك الصورة صار خازنا لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>