للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألبتة، كما قررنا. وذكر إن العنصر انفراد بوحدته ثم أفاضها على الموجودات، فلا يوجد موجود إلا وفيه من وحدته حظ على قدر استعداده، ثم من هداية العقل حظ على قدر قبوله، ثم من قوة النفس حظ على قدر تهيئته. وعلى ذلك آثار المبادئ في المركبات، فإن كل مركب لا يخلو عن مزاج ما، وكل مزاج لا يعرى عن اعتدال ما، وكل اعتدال عن كمال أو قوة كمال: إما طبيعي إلي هو مبدأ الحركة، وإما عن كمال نفساني هو مبدأ الحس. فإذا بلغ المزاج الإنساني إلى حد قبول هذا الكمال أفاض عليه العنصر وحدته، والعقل هدايته، والنفس نطقه وحكمته.

قال: ولما كانت التأليفات الهندسية مرتبة على المعادلات العددية عددناها أيضا من المبادئ. فصارت طائفة من الفيثاغوريين إلى أن المبادئ هي التأليفات الهندسية على مناسبات عددية، ولهذا صارت المتحركات السماوية ذات حركات متناسبة لحنية هي أشرف الحركات، وألطف التأليفات. ثم تعدوا من ذلك إلى الأقوال، حتى صارت طائفة منهم إلى أن المبادئ هي الحروف والحدود المجردة عن المادة، وأوقعوا الألف في مقابلة الواحد، والباء في مقابلة الاثنين, إلى غير ذلك من المقابلات.

ولست أدري! على أي لسان ولغة قدروها؟، فإن الألسن يختلف باختلاف الأمصار والمدن، أو على أي وجه من التركيب؟ فإن التركيبات أيضا مختلفة. فالبسائط من الحروف مختلف فيها، والمركبات كذلك، ولا كذلك العدد، فإنه لا يختلف أصلا.

وصارت جماعة منهم إلى أن مبدأ الجسم هو الأبعاد الثلاثة، والجسم مركب عنها، وأوقعوا النقطة في مقابلة الواحد، والخط في مقابلة الاثنين، والسطح في مقابلة الثلاثة، والجسم في مقابلة الأربعة. وراعوا هذه المقابلات في تراكيب الأجسام، وتضاعيف الأعداد.

ومما ينقل عن فيثاغورس: أن الطبائع أربعة، والنفوس التي فينا أيضا أربعة: العقل، والعلم، والرأي، والحواس. ثم ركب فيه العدد على المعدود. والروحاني على الجسماني.

<<  <  ج: ص:  >  >>