لا نهاية له، وكذلك الأجسام لا نهاية لها، إلا أن لها ثلاثة أشياء: الشكل، والعظم، والثقل.
وديمقريطيس كان يرى أن لها شيئين: الشكل، والعظم فقط. وذكر أن تلك الأجسام لا تتجزأ، أي لا تنفعل ولا تتكثر، وهي معقولة أو متوهمة غير محسوسة، فاصطكت تلك الأجزاء في حركاتها اضطرارا واتفاقا، فحصل من اصطكاكها صور هذا العالم وأشكالها، وتحركت على أنحاء من جهات التحرك. وذلك هو الذي يحكي عنهم أنهم قالوا بالاتفاق، فلم يثبتوا لها صانعا أوجب الاصطكاك، وأوجد هذه الصور. وهؤلاء قد أثبتوا الصانع، وأثبتوا سبب حركات تلك الجواهر. وأما اصطكاكها فقد قالوا فيها بالاتفاق. فلزمهم حصول العالم بالاتفاق والخبط.
وكان لفيثاغورس تلميذان رشيدان:
يدعى أحدهما: فلنكس ويعرف بموزنوش, قد دخل فارس ودعا الناس إلى حكمة قيثاغورس، وأضاف حكمته إلى مجوسية القوم. ويدعى الآخر قلانوس دخل الهند، ودعا الناس إلى حكمة فيثاغورس أيضا، وأضاف حكمته إلى برهمية القوم. إلا أن المجوس كما يقال أخذوا جسمانية قوله، والهند أخذوا روحانية قوله.
ومما أخبر عنه فيثاغورس وأوصى به:
قال: إني عاينت هذه العوالم العلوية بالحس بعد الرياضة البالغة، وارتفعت عن عالم الطبائع إلى عالم النفس وعالم العقل، فنظرت إلى ما فيها من الصور المجردة، وما لها من الحسن والبهاء والنور، وسمعت ما لها من اللحون الشريفة والأصوات الشجية الروحانية.
وقال: إن ما في هذا العالم يشتمل على مقدار يسير من الحسن، لكونه معلول الطبيعة، وما فوقه من العوالم أبهى وأشرف وأحسن، إلى أن يصل الوصف إلى عالم النفس والعقل فيقف، فلا يمكن المنطق وصف ما فيها من الشرف والكرم والحسن