قال: فأبدع العقل الأول، وبتوسطه النفس الكلية، وقد انبعثت عن العقل انبعاث الصورة في المرآة، وبتوسطهما العنصر.
ويحكى عنه: أن الهيولى التي هي موضوع الصور الحسية غير ذلك العنصر.
ويحكى عنه: أنه أدرج الزمان في المبادئ، وهو الدهر, وأثبت لكل موجود مشخص في العالم الحسي مثالا غير مشخص في العالم العقلي، ويسمى ذلك: المثل الأفلاطونية. فالمبادئ الأول بسائط، والمثل مبسوطات، والأشخاص مركبات، فالإنسان المركب المحسوس جزئي ذلك الإنسان المبسوط المعقول، وكذلك كل نوع من الحيوان والنبات والمعادن.
وقال: والموجودات في هذا العالم آثار الموجودات في ذلك العالم، ولا بد لكل أثر من مؤثر يشابهه نوعا من المشابهة.
قال: ولما كان العقل الإنساني من ذلك العالم أدرك من المحسوس مثالا منتزعا من المادة معقولا، يطابق المثال الذي في عالم العقل بكليته، ويطابق الموجود الذي في عالم الحس بجزئيته. ولولا ذلك لما كان لما يدركه العقل مطابقا مقابلا من خارج، فما يكون مدركا لشيء يوافق إدراكه حقيقة المدرك.
وقال: والعالم عالما: عالم العقل وفيه المثل العقلية والصور الروحانية. وعالم الحس وفيه الأشخاص الحسية والصور الجسمانية، كالمرآة المجلوة التي تنطبع فيها صور المحسوسات فإن الصور فيها مثل الأشخاص، وكذلك العنصر في ذلك العالم مرآة لجميع صور هذا العالم يتمثل فيه جميع الصور كلها، غير أن الفرق أن المنطبع في المرآة الحسية صور خيالية يرى أنها موجودة تتحرك بحركة الشخص وليس في الحقيقة كذلك، وأن المتمثل في المرآة العقلية صور حقيقية روحانية هي موجودة بالفعل تحرك الأشخاص ولا تتحرك، فنسبة الأشخاص إليها كنسبة الصور في المرآة إلى الأشخاص، فلها الوجود الدائم، ولها الثبات القائم، وهي تتمايز في حقائقها تمايز الأشخاص في ذواتها.
قال: وإنما كانت هذه الصور موجودة كلية دائمة باقية، لأن كل مبدع ظهرت