صورته في حد الإبداع, فقد كانت صورته في علم الأول الحق، والصور عنده بلا نهاية، ولو لم تكن الصور معه في أزليته, في علمه لم تكن لتبقى. ولو لم تكن دائمة بدوامها لكانت تدثر بدثور الهيولى. ولو كانت تدثر مع دثور الهيولى لما كانت على رجاء ولا خوف، ولكن لما صارت الصور الحسية على رجاء وخوف استدل به على بقائها، وإنما تبقى إذا كانت لها صور عقلية في ذلك العالم ترجو اللحوق بها وتخاف التخلف عنها.
قال: وإذا اتفقت العقلاء على أن هناك حسا ومحسوسا، وعقلا ومعقولا، وشاهدنا بالحس جميع المحسوسات، وهي محدودة ومحصورة بالزمان والمكان، فيجب أن نشاهد بالعقل جميع المعقولات، وهي غير محدودة ومحصورة بالزمان والمكان، فتكون مثلا عقلية.
ومما يثبته أفلاطون موجودات محققة بهذا التقسيم!
قال: إنا نجد النفس تدرك أمور البسائط والمركبات، ومن المركبات أنواعها وأشخاصها، ومن البسائط ما هي هيولانية وهي التي تعرى عن الموضوع، وهي رسوم الجزئيات مثل: النقطة، والخط، والسطح، والجسم التعليمي.
قال: وهذه الأشياء أشياء موجودة بذواتها، وكذلك توابع الجسم مفردة مثل: الحركة، والزمان، والمكان، والأشكال، فإنا نلحظها بأذهاننا بسائط مرة ومركبة مرة أخرى، ولها حقائق في ذواتها من غير حوامل ولا موضوعات. ومن البسائط ما ليست هي هيولانية مثل: الوجود، والوحدة، والجوهر. والعقل يدرك القسمين جميعا متطابقين عالمين متقابلين: عالم العقل وفيه المثل العقلية التي تطابقها الأشخاص الحسية، وعالم الحس وفيه المتمثلات الحسية التي تطابقها المثل العقلية. فأعيان ذلك العالم آثار في هذا العالم، وأعيان هذا العالم آثار في ذلك العالم، وعليه وضع الفطرة والتقدير، ولهذا الفصل شرح وتقرير.
وجماعة المشائين وأرسطوطاليس لا يخالفونه في إثبات هذا المعنى الكلي، إلا أنهم