يقولون: هو معنى في العقل موجود في الذهن، والكلي من حيث هو كلي لا وجود له في الخارج عن الذهن، إذ لا يتصور أن يكون شيء واحد ينطبق على زيد وعلى عمرو وهو في نفسه واحد.
وأفلاطون يقول ذلك المعنى الذي أثبته في العقل يجب أن يكون له شيء يطابقه في الخارج فينطبق عليه، وذلك هو المثال الذي في العقل، وهو جوهر لا عرض، إذ تصور وجوده لا في موضوع، وهو متقدم على الأشخاص الجزئية تقدم العقل على الحس، وهو تقدم ذاتي وشرفي معا.
وتلك المثل هي مبادئ الموجودات الحسية منها بدأت، وإليها تعود.
ويتفرع على ذلك أن النفوس الإنسانية التي هي متصلة بالأبدان اتصال تدبير وتصرف كانت موجودة قبل وجود الأبدان، وكان لها نحو من أنحاء الوجود العقلي، وتمايز بعضها عن بعض تمايز الصور المجردة عن المادة بعضها عن بعض. وخالفه في ذلك تلميذه أرسطوطاليس ومن بعده من الحكماء، وقالوا أن النفوس حدثت مع حدوث الأبدان.
وقد رأيت في كلام أرسطوطاليس كما ستأتي١ حكايته, أنه ربما يميل إلى مذهب أفلاطون في كون النفوس موجودة قبل وجود الأبدان، إلا أن نقل المتأخرين ما قدمنا ذكره.
وخالفه أيضا في حدوث العالم: إن أفلاطون يحيل وجود حوادث لا أول لها، لأنك إذا قلت حادث، فقد أثبت سبق الأزلية لكل واحد، وما ثبت لكل واحد يجب أن يثبت للكل.
قال: وأن صورها لا بد وأن تكون حادثة، لكن الكلام في هيولاها وعنصرها. فأثبت عنصرا قبل وجودها، فظن بعض العقلاء أنه حكم عليه بالأزلية والقدم، وهو إذ أثبت واجب الوجود لذاته، وأطلق لفظ الإبداع على العنصر، فقد