أخرجه عن الأزلية بذاته، بل يكون وجوده بوجود واجب الوجود كسائر المبادئ التي ليست زمانية، ولا وجودها ولا حدوثها حدوث زماني. فالبسائط حدوثها إبداعي غير زماني، والمركبات حدوثها بوسائط البسائط حدوث زماني.
وقال: إن العالم لا يفسد فسادا كليا. ويحكى عنه في سؤاله عن طيماوس:
ما الشيء الذي لا حدوث له؟ وما الشيء الحادث وليس بباق؟ وما الشيء الموجود بالفعل وهو أبدأ بحال واحدة؟ وإنما يعنى بالأول: وجود الباري تعالى. وبالثاني: وجود الكائنات الفاسدات التي لا تثبت على حالة واحدة. وبالثالث: وجود المبادئ والبسائط التي لا تتغير.
ومن أسئلته: ما الشيء الكائن ولا وجود له؟ وما الشيء الموجود ولا كون له؟.
وإنما يعنى بالأول الحركة المكانية والزمان، لأنه لم يؤهله لاسم الوجود، ويعنى بالثاني الجواهر العقلية التي هي فوق الزمان والحركة والطبيعة وحق لها اسم الوجود، إذ لها السرمد والبقاء والدهر.
ويحكى عنه أنه قال: إن الأسطقسات لم تزل تتحرك حركة مشوهة مضطربة غير ذات نظم، وإن الباري تعالى نظمها ورتبها فكان هذا العالم. وربما عبرة عن الأسطقسات بالأجزاء اللطيفة، وقيل إنه عنى بها الهيولى الأزلية العارية عن الصور حتى اتصلت الصور والأشكال بها فترتبت وانتظمت.
ورأيت في "راموز" له أنه قال: إن النفوس كانت في عالم الذكر مغتبطة مبتهجة بعالمها وما فيه من الروح والبهجة والسرور، فأهبطت إلى هذا العالم حتى تدرك الجزئيات، وتستفيد ما ليس لها بذاتها بواسطة القوى الحسية، فسقطت رياشها قبل الهبوط، فهبطت حتى يستوي ريشها وتطير إلى عالمها بأجنحة مستفادة من هذا العالم.
وحكى أرسطوطاليس عنه أنه أثبت المبادئ خمسة أجناس: الجوهر، والاتفاق، والاختلاف، والحركة، والسكون. ثم فسر كلامه فقال أما الجوهر، فنعني به الوجود.