وأما برمنيدس الأصغر، فإنه أجاز قولهم في الإرادة، ولم يجزه في الفعل، وقال: إن الإرادة تكون بلا توسط من الباري تعالى فأجائز ما وصفوه. وأما الفعل فيكون بتوسط منه، وليس ما هو بلا توسط كالذي يكون بتوسط، بل الفعل قط لن يتحقق إلا بتوسط الإرادة، ولا ينعكس.
وأما الأولون مثل تاليس وأبندقليس، فقد قالوا: الإرادة من جهة المبدع هي المبدع، ومن جهة المبدع هي المبدع. وفسروا هذا بأن الإرادة من جهة الصورة هي المبدع، ومن جهة الأثر هي المبدع. ولا يجوز أن يقال إنها من جهة الصورة هي المبدع، لأن صورة الإرادة عند المبدع قبل أن يبدع، فغير جائز أن تكون ذات صورة الشيء الفاعل هي المفعول، بل من جهة أثر ذات الصورة هي المفعول. ومذهب أفلاطون وأرسطوطاليس هذا بعينه. وفي الفصل انغلاق.