في أن واجب الوجود واحد: أخذ أرسطوطاليس يوضح أن المبدأ الأول واحد من حيث إن العالم واحد، ويقول: إن الكثرة بعد الاتفاق في الحد ليست إلا في كثرة العنصر، وأما ما هو بالآنية الأولى فليس له عنصر، لأنه تمام، قائم بالفعل. لا يخالط القوة، فإذا المحرك الأول واحد بالكلمة والعدد، أي بالاسم والذات. قال: فمحرك العالم واحد، لأن العالم واحد. هذا نقل ثامسطيوس. وأخذ من نصر مذهبه يوضح أن المبدأ الأول واحد من حيث إنه واجب الوجود لذاته، قال ولو كان كثيرا لحمل واجب الوجود عليه وعلى غيره بالتواطؤ، فيشملها جنسا، وينفصل أحدهما عن الآخر نوعا، فتتركب ذاته من جنس وفصل، فتسبق أجزاء المركب على المركب سبقا بالذات، فلا يكون واجبا بذاته. ولأنه لو لم يكن هو بعينه واجب الوجود لذاته لا لشيء عنه بل لأمر خارج عنه واجب بذاته لكان واجب الوجود بذلك الأمر الخارج، فلم يكن واجبا بذاته هذا خلف.
المسألة الثالثة:
في أن واجب الوجود لذاته: عقل لذاته، وعاقل ومعقول لذاته، عقل من غيره، أو لم يعقل.
أما أنه عقل، فلأنه مجرد عن المادة، منزه عن اللوازم المادية، فلا تحتجب ذاته عن ذاته.
وأما أنه عاقل لذاته، فلأنه مجرد لذاته.
وأما أنه معقول لذاته، فلأنه غير محجوب عن ذاته بذاته أو بغيره.
قال: الأول يعقل ذاته. ثم من ذاته يعقل كل شيء، فهو يعقل العالم العقلي دفعة واحدة، من غير احتياج إلى انتقال وتردد من معقول إلى معقول، وأنه ليس يعقل الأشياء