مثلا على السافل فيضا، بل لأمر أعلى من ذلك، وهو أن ذاته أبدع ما أبدع لذاته لا لعلة ولا لغرض، فوجدت الموجودات كاللوازم واللواحق، ثم توجهت إلى الخير، لأنها صادرة عن أصل الخير، وكان المصير في كل حال إلى رأس واحد.
ثم ربما يقع شر وفساد من مصادمات في الأسبات السافلة دون العالية التي كلها خير. مثل المطر الذي لم يخلق إلا خيرا ونظاما للعالم، فيتفق أن يخرب به بيت عجوز، فإن وقع كان ذلك واقعا بالعرض لا بالذات، أو بأن لا يقع شر جزئي في العالم لا تقتضي الحكمة أن لا يوجد خير كلي, فإن فقدان المطر أصلا شر كلي، وتخريب بيت عجوز شر جزئي، والعالم للنظام الكلي لا الجزئي، فالشر إذن واقع في القدر بالعرض.
وقال: إن الهيولى قد لبست الصور على درجات ومراتب، وإنما يكون لكل درجة ما تحتمله في نفسها دون أن يكون في الفيض الأعلى إمساك عن بعض، وإفاضة على بعض. فالدرجة الأولى احتمالها على نحو أفضل، والثانية دون ذلك. والذي عندنا من العناصر دون الجميع، لأن كل ماهية من ماهيات هذه الأشياء إنما تحتمل ما تستطيع أن تلبس من الفيض على النحو الذي هيئت له، ولذلك تقع العاهات والتشويهات في الأبدان، لما يلزم من ضرورة المادة الناقصة التي لا تقبل الصورة على كمالها الأول والثاني.
قال: إنا لم نجز الأمور على هذا المنهاج ألجأتنا الضرورة إلى أن نقع في محالات وقع فيها من قبلنا كالثنوية وغيرهم.
المسألة الحادية عشرة: في كون الحركات سرمدية، وأن الحوادث لم تزل
قال: إن صدور الفعل عن الحق الأول إنما يتأخر لا بزمان، بل بحسب الذات. والفعل ليس مسبوقا بعدم، بل هو مسبوق بذات الفاعل فقط. ولكن القدماء لما أرادوا أن يعبروا عن العلية افتقروا إلى ذكر القبيلة. وكانت القبيلة في اللفظ تتناول الزمان