كوكب، ودارت به النار الدائرة بدوران الفلك، فكان ذنبا له. وربما كان عريضا، فرئي كأنه لحية كوكب، وربما وقع صقيل الظاهر من السحاب صور النيرات وأضواؤها، كما يقع على المرائي والجدران الصقيلة، فيرى ذلك على أحوال مختلفة، بحسب اختلاف بعدها من النير وقربها، وصفائها وكدورتها، فيرى في هالة، وقوس قزح، وشموس، وشهب، والمجرة. وذكر أسباب كل واحد من هذه في كتابه المعروف بالآثار العلوية, والسماء والعالم, وغيرهما.
المسألة الرابعة عشرة: في النفس الإنسانية الناطقة، واتصالها بالبدن
قال: النفس الإنسانية ليست بحسم ولا قوة في جسم. وله في إثباتها مآخذ: منها الاستدلال على وجودها بالحركات الاختيارية. ومنها الاستدلال عليها بالتصورات العلمية.
أما الأول فقال: لا نشك أن الحيوان يتحرك إلى جهات مختلفة حركة اختيارية، إذ لو كانت حركاته طبيعية أو قسرية, لتحرك إلى جهة واحدة لا تختلف ألبتة. فلما تحركت إلى جهات متضادة علم أن حركاته اختيارية. والإنسان مع أنه مختار في حركاته كالحيوان، إلا أنه يتحرك لمصالح عقلية يراها في عاقبة كل أمر، فلا تصدر عنه حركاته إلا إلى غرض وكمال. وهو في معرفته في عاقبة كل حال. والحيوان ليست حركاته بطبعه على هذا النهج، فيجب أن يتميز الإنسان بنفس خاص. كما تميز الحيوان عن سائر الموجودات بنفس خاص.
وأما الثاني: وهو المعول عليه, قال: إنا لا نشك أن نعقل ونتصور أمرا معقولا صرفا، مثل المتصور من الإنسان أنه إنسان كلي يعم جميع أشخاص النوع. ومحل هذا المعقول جوهر ليس بجسم ولا قوة في جسم أو صورة لجسم، فإنه إن كان جسما فإما أن يكون محل الصورة المعقولة منه طرفا منه لا ينقسم، أو جملته المنقسمة. وبطل أن يكون