وخروج الشيء من حد إلى حد, ومن حال إلى حال يوجب دثور الكيفية، وتردد المستحيل في الكون والفساد يدل على دثوره، وحدوث أحواله يدل على ابتدائه، وابتداء جزئه يدل على بدء كله. وواجب إن قبل بعض ما في العالم الكون والفساد أن يكون كل العالم قابلا له، وكان له بدء يقبل الفساد, وآخر يستحيل إلى كون، فالبدء والغاية يدلان على مبدع.
وقد سأل بعض الدهرية أرسطوطاليس وقال: إذا كان لم يزل ولاشيء غيره ثم أحدث العالم فلم أحدثه؟ فقال له:"لم" غير جائزة عليه، لأن "لم" تقتضي علة والعلة محمولة فيما هي علة له من معل فوقه، ولا علة فوقه، وليس بمركب فتحمل ذاته العلل، فلم عنه منتفية، فإنما فعل ما فعل، لأنه جواد. فقيل: فيجب أن يكون فاعلا لم يزل لأنه جواد لم يزل. قال: معنى "لم يزل" أن لا أول. وفعل يقتضي أولا. واجتماع مالا أول له, وذى أول في القول والذات محال متناقص، قيل له: فهل يبطل هذا العالم؟ قال: نعم. قيل: فإذا أبطله بطل الجود؟، قال: سيبطله ليصوغه الصيغة التي لا تحتمل الفساد, لأن هذه الصيغة تحتمل الفساد. تم كلامه.
ويعزى هذا الفصل إلى سقراطيس قاله لبقراطيس، وهو بكلام القدماء أشبه.
ومما نقل عن أرسطوطاليس تحديده العناصر الأربعة، قال: الحار ما خلط بعض ذوات الجنس ببعض، وفرق بين بعض ذوات الجنس من بعض.
وقال: البارد ما جمع بين ذوات الجنس وغير ذوات الجنس، لأن البرودة إذا جمدت الماء حتى يصير جليدا اشتملت على الأجناس المختلفة من الماء والنبات وغيرهما.
قال: والرطب العسير الانحصار من ذاته, اليسير الانحصار من ذات غيره. واليابس: اليسير الإنحصار من ذاته, العسير الانحصار من ذات غيره، والحدان الأولان يدلان على الفعل، والآخران يدلان على الانفعال. ونقل أرسطوطاليس عن جماعة من الفلاسفة: أن مبادئ الأشياء هي العناصر الأربعة. وعن بعضهم: أن المبدأ