كيف يتحد بالموجود؟ وإن عدما جميعا بالاتحاد وحدث شيء واحد ثالث فهما غير متحدين بل فاسدان, وبينهما وبين الثالث مادة مشتركة، وكلامنا في نفس المادة لا في شيء ذي مادة، فالمادة الجسمية لا توجد مفارقة للصورة، وإنها إنما تقوم بالفعل بالصورة. ولا يجوز أن يقال: إن الصورة بنفسها موجودة بالقوة, وإنما تصير بالفعل بالمادة، لأن جوهر الصورة هو الفعل، وما بالقوة محله المادة. والصورة وإن كانت لا تفارق الهيولى فليست تتقوم بالهيولى, بل بالعلة المفيدة إياها للهيولى، وكيف يتصور أن تقوم الصورة بالهيولى وقد أثبت أنها علتها، والعلة لا تتقوم بالمعلول، وفرق بين الذي يتقوم به الشيء وبين الذي لا يفارقه، فإن المعلول لا يفارق العلة وليس علة لها. فما يقوم الصورة أمر مباين لها مفيد الوجود، وما يقوم الهيولى أمر ملاق لها وهو الصورة. وأول الموجودات في استحقاق الوجود الجوهر المفارق الغير المجسم الذي يعطي صورة الجسم وصورة كل موجود، ثم الصورة، ثم الجسم. ثم الهيولى، وهي وإن كانت سببا للجسم فإنها ليست بسبب يعطي الوجود بل سبب يقبل الوجود، فإنه محل لنيل الوجود، وللجسم وجودها وزيادة وجود الصورة فيه التي هي أكمل منها. ثم العرض أولى بالوجود، فإن أولى الأشياء بالوجود هو الجوهر ثم الأعراض، وفي الأعراض ترتيب في الوجود أيضا.
المسألة الثالثة:
في أقسام العلل، وأحوالها، وفي القوة والفعل، وفي إثبات الكيفيات في الكمية، وإن الكيفيات أعراض لا جواهر.
قد بينا في المنطق أن العلل أربع. وتحقيق وجودها ههنا أن نقول: المبدأ والعلة يقال لكل ما يكون قد استتم له وجوده في نفسه, ثم حصل منه وجود شيء آخر وتقوم به، ثم لا يخلو ذلك: إما أن يكون كالجزء لما هو معلول له، وهذا على وجهين: إما أن يكون جزءا ليس يجب عن حصوله بالفعل أن يكون ما هو معلول له موجودا بالفعل وهذا هو العنصر، ومثاله الخشب للسرير فإنك تتوهم الخشب موجودا ولا يلزم من وجوده أن يحصل السرير بالفعل، بل المعلول موجود فيه بالقوة. وإما أن يكون جزءا