للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجب عن حصوله بالفعل وجود المعلول له بالفعل, وهذا هو الصورة، ومثاله الشكل والتأليف للسرير. وإن لم يكن كالجزء لما هو معلول له, فإما أن يكون مباينا أو ملاقيا لذات المعلول، والملاقى: فإما أن ينعت به المعلول، وإما أن ينعت بالمعلول، وهذان هما في حكم الصورة والهيولى. وإن كان مباينا: فإما أن يكون الذي منه الوجود وليس الوجود لأجله وهو الفاعل، وإما لا يكون منه الوجود بل لأجله الوجود وهو الغاية. والغاية تتأخر في حصول الوجود وتتقدم سائر العلل في السببية، وفرق بين السببية والوجود في الأعيان. فإن المعنى له وجود في الأعيان، ووجود في النفس، وأمر مشترك، وذلك الأمر المشترك هو السببية، والغاية بما هي سبب فإنها تتقدم, وهي علة العلل في أنها علل، وبما هي موجودة في الأعيان قد تتأخر, وإذا لم تكن العلة الفاعلية هي بعينها الغاية كان الفاعل متأخرا في السببية عن الغاية. ويشبه أن يكون الحاصل عند التمييز هو أن الفاعل الأول والمحرك الأول في كل شيء هو الغاية، وإن كانت العلة الفاعلية هي الغاية بعينها استغنى عن تحريك الغاية، فكان نفس ما هو فاعل نفس ما هو محرك من غير توسط.

وأما سائر العلل، فإن الفاعل والقابل قد يتقدمان المعلول بالزمان، وأما الصورة فلا تتقدم بالزمان ألبتة بل بالرتبة والشرف، لأن القابل أبدا مستفيد، والفاعل مفيد. وقد تكون العلة علة للشيء بالذات. وقد تكون بالعرض. وقد تكون علة قريبة، وقد تكون علة بعيدة، وقد تكون علة لوجود الشيء فقط، وقد تكون علة لوجوده، ولدوام وجوده، فإنه إنما يحتاج إلى الفاعل لوجوده وفي حال وجوده، لا لعدمه السابق وفي حال عدمه، فيكون الموجد الذي هو موجد للوجود والموجود هو الذي يوصف بأنه موجد، فكما أنه في حال ما هو موجود يوصف بأنه موجد كذلك الحال في كل حال, فكل موجد محتاج إلى موجد مقيم لوجوده لولاه لعدم.

وأما القوة والفعل؛ فالقوة تقال لمبدإ التغير في آخر من حيث إنه آخر، وهو إما في المنفعل وهي القوة الانفعالية، وإما في الفاعل وهي القوة الفعلية, وقوة المنفعل قد

<<  <  ج: ص:  >  >>