للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحدث في بدن: صورة قبيحة مشوهة، ولو لم يكن كذلك لم يكن النظام الكلي يثبت، فلم يعبأ ولم يلتفت إلى اللوازم الفاسدة التي تعرض بالضرورة. وقيل: "خلقت هؤلاء للجنة ولا أبالي، وخلقت هؤلاء للنار ولا أبالي" وكل ميسر لما خلق له.

المسألة العاشرة:

في المعاد، وإثبات سعادات دائمة للنفوس، وإشارة إلى النبوة، وكيفية الوحي والإلهام.

ولنقدم على الخوض فيها أصولا ثلاثة:

الأصل الأول: أن لكل قوة نفسانية لذة وخيرا يخصها، وأذى وشرا يخصها، وحيثما كان المدرك أشد إدراكا وأفضل ذاتا والمدرك أكمل وجودا وأشرف ذاتا وأدوم ثباتا، فاللذة أبلغ وأوفر.

الأصل الثاني: أنه قد يكون الخروج إلى الفعل في كمال ما، بحيث يعلم أن المدرك لذيذ، ولكن لا يتصور كيفيته ولا يشعر به فلم يشتق إليه, ولم يفزع نحوه، فيكون حال المدرك حال الأصم والأعمى الملتذين برطوبة اللحن وملاحة الوجه من غير شعور وتصور وإدراك.

الأصل الثالث: أن الكمال والأمر الملائم قد يتيسر للقوة الدراكة، وهناك مانع أو شاغل للنفس فتكرهه وتؤثر ضده، أو تكون القوة ممنوعة بضد ما هو كمالها فلا تحس به كالمريض والمحرور، فإذا زال العائق عاد إلى واجبه في طبعه، فصدقت شهوته، واشتهت طبيعته، وحصل له كمال اللذة.

فنقول بعد تمهيد الأصول: إن النفس كمالها الخاص بها أن تصير عالما عقليا مرتسما فيها صورة الكل، والنظام المعقول في الكل، والخير الفائض من واهب الصور على الكل، مبتدئا من المبدإ. وسالكا إلى الجواهر الشريفة الروحانية المطلقة،

<<  <  ج: ص:  >  >>