إلى جهة فتبرد فتستحيل ماء فيصعد بالمد فيخرج عيونا، وإن لم تدعها السخونة تبرد وكثرت وغلظت فلم تنفذ في مجاري مستحصفة فاجتمعت واندفعت مرة فزلزلت الأرض فخسفت، وقد تحدث الزلزلة من تساقط أعالي وهدة في باطن الأرض فيموج بها الهواء المحتقن، وإذا احتبست الأبخرة في باطن الجبال والكهوف فيتولد منها الجواهر إذا وصل إليها من سخونة الشمس وتأثير الكواكب خط، وذلك بحسب اختلاف المواضع والأزمان والمواد. فمن الجواهر ما هو قابل للإذابة والطرق كالذهب والفضة ويكون قبل أن يصلب زئبقا ونفطا، وانطراقها لحياة رطوبتها ولعصيانها الجمود التام. ومنها ما لا يقبل ذلك. وقد تتكون من العناصر أكوان أيضا بسبب القوى الفلكية إذا امتزجت العناصر امتزاجا أكثر اعتدالا من المعادن، فيحصل في المركب قوة غاذية وقوة نامية وقوة مولدة، وهذه القوى متمايزة بخصائصها.
المقالة الرابعة: في النفوس وقواها
اعلم أن النفس كجنس واحد ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
أحدها: النباتية؛ وهي الكمال الأول لجسم طبيعي آلي من جهة ما يتولد ويربو ويتغذى، والغذاء جسم من شأنه أن يتشبه بطبيعة الجسم الذي قيل إنه غذاؤه ويزيد فيه مقدار ما يتحلل أو أكثر أو أقل.
والثاني: النفس الحيوانية؛ وهي الكمال الأول لجسم طبيعي آلي من جهة ما يدرك الجزئيات ويتحرك بالإرادة.
والثالث: النفس الإنسانية؛ وهي الكمال الأول لجسم طبيعي آلي من جهة ما يفعل الأفعال الكائنة بالاختيار الفكري والاستنباط بالرأي, ومن جهة ما يدرك الأمور الكلية.