فنزل وكان صقيعا، وربما جمد البخار بعدما استحال قطرات ماء فكان بردا، وإنما يكون جموده في الشتاء وقد فارق السحاب. وفي الربيع وهو داخل السحاب، وذلك إذا سخن خارجه فبطنت البرودة إلى داخله فتكاثف داخله واستحال ماء وأجمده شدة البرودة، وربما تكاثف في الهواء نفسه لشدة البرد فاستحال سحابا واستحال مطرا. ثم ربما وقع على صقيل الظاهر من السحاب صور النيرات وأضواؤها كما يقع في المرائي والجدران الثقيلة فيرى ذلك على أحوال مختلفة بحسب اختلاف بعدها من النير وقربها, وبعدها من المرئي وصفائها وكدورتها واستوائها ورعشتها, وكثرتها وقلتها، فيرى هالة وقوس قزح, وشموس وشهب.
فالهالة تحدث على انعكاس البصر عن الرش المطيف بالنير إلى النير حيث يكون الغمام المتوسط لا يخفي النير، فيرى دائرة كأنها منطقة محورها الخط الواصل بين الناظر وبين النير، وما في داخلها ينفذ عن البصر إلى النير، ونوره الغالب على أجزاء الرش يجعله كأنه غير موجود، وكأن الغيم هناك هواء شفاف. وأما القوس فإن الغمام يكون في خلاف جهة النير، فتنعكس الزوايا عن الرش إلى النير لا بين الناظر والنير, بل الناظر أقرب إلى النير منه إلى المرآة فتقع الدائرة التي هي كالمنطقة أبعد من الناظر إلى النير، فإن كانت الشمس على الأفق كان الخط المار بالناظر والنير على بسيط الأفق وهو المحور، فيجب أن يكون سطح الأفق يقسم المنطقة بنصفين، فيرى القوس نصف دائرة، فإن ارتفعت الشمس انخفض الخط المذكور فصار الظاهر في المنطقة الموهومة أقل من نصف دائرة، وأما تحصيل الألوان على الجهة الشافية فإنه لم يستبن بعد. والسحب ربما تفرقت وذابت فصارت ضبابا، وربما اندفعت بعد التلطف إلى أسفل فصارت رياحا، وربما هاجت الرياح لاندفاع بعضها من جانب إلى جهة، وربما هاجت لانبساط الهواء بالتخلخل عند جهة واندفاعه إلى أخرى، وأكثر ما يهيج البرد الدخان المتصعد المجتمع الكثير ونزوله فإن مبادئ الرياح فوقانية، وربما عطفها مقاومة الحركة الدورية التي تتبع الهواء العالي فانعطفت رياحا، والسموم ما كان منها محترقا. وأما الأبخرة داخل الأرض فتميل