للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الأجسام المائية الأرضية. والبخار أقل مسافة في صعوده من الدخان، لأن الماء إذا سخن كان حارا رطبا. والأجزاء الأرضية إذا سخنت ولطفت كانت حارة يابسة، والحار الرطب أقرب إلى طبيعة الهواء، والحار اليابس أقرب إلى طبيعة النار. والبخار لا يجاوز مركز الهواه بل إذا وافى منقطع تاثير الشعاع برد وكثف، والدخان يتعدى حيز الهواء حتى يوافي تخوم النار، وإذا احتبستا فيهما حدثت كائنات أخر. فالدخان إذا وافى حيز النار اشتعل، وإذا اشتعل فربما سعى فيه الاشتعال فرئي كأنه كوكب يقذف به، وربما احترق وثبت فيه الاحتراق فرئيت العلامات الهائلة الحمر والسود، وربما كان غليظا ممتدا وثبت فيه الاشتعال ووقف تحت كوكب, ودارت به النار بدوران الفلك وكان ذنبا له. وربما كان عريضا فرئي كأنه لحية كوكب، وربما حميت الأدخنة في برد الهواء للتعاقب المذكور فانضغطت مشتعلة، وإن بقي شيء من الدخان في تضاعيف الغيم وبرد صار ريحا وسط الغيم يتحرك عنه بشدة يحصل منه صوت يسمى الرعد، وإن قويت حركته وتحريكه اشتعل من حرارة الحركة والهواء والدخان فصار نارا مضيئة تسمى البرق، وإن كان المشتعل كثيفا ثقيلا محرقا اندفع بمصادمات الغيم إلى جهة الأرض فيسمى صاعقة، ولكنها نار لطيفة تنفذ في الثياب والأشياء الرخوة وتنصدم بالأشياء الصلبة كالذهب والحديد فيذيبه حتى يذيب الذهب في الكيس ولا يحرق الكيس، ويذيب ذهب المراكب ولا يحرق السير. ولا يخلو برق عن رعد لأنهما جميعا عن الحركة، ولكن البصر أحد، فقد يرى البرق ولا ينتهي صوت الرعد إلى السمع، وقد يرى متقدما ويسمع متأخرا.

وأما البخار الصاعد, فمنه ما يلطف ويرتفع جدا ويتراكم ويكثر مدده في أقصى الهواء عند منقطع الشعاع فيبرد فيكثف فيقطر فيكون المتكاثف منه سحابا، والقاطر مطرا، ومنه ما يقصر لثقله عن الارتفاع بل يبرد سريعا وينزل كما لو يوافه برد الليل سريعا قبل أن يتركم سحابا، وهذا هو الطل، وربما جمد البخار المتراكم في الأعالي أعني السحاب فنزل وكان ثلجا، وربما جمد البخار غير المتراكم في الأعالي أعني مادة الطل

<<  <  ج: ص:  >  >>