للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: إن آدم عليه السلام لما أهبط إلى الأرض وقع إلى سرنديب من أرض الهند، وكان يتردد في الأرض متحيرا بين فقدان زوجته ووجدان توبته، حتى وافى حواء بجبل الرحمة من عرفات وعرفها، وصار إلى أرض مكة، ودعا وتضرع إلى الله تعالى حتى يأذن له في بناء بيت يكون قبلة لصلاته ومطافا لعبادته، كما كان قد عهد في السماء من البيت المعمور الذي هو مطاف الملائكة ومزار الروحانيين، فأنزل الله تعالى عليه مثال ذلك البيت على شكل سرداق من نور، فوضعه مكان البيت، فكان يتوجه إليه ويطوف به.

ثم لما توفي تولى وصية شيث عليه السلام بناء البيت من الحجر والطين على الشكل المذكور حذو القذة بالقذة. ثم لما خرب ذلك بطوفان نوح عليه السلام، وامتد الزمان حتى غيض الماء وقضى الأمر وانتهت النبوة إلى إبراهيم الخليل عليه السلام وحمله هاجر أم إسماعيل ابنه إلى الموضع المبارك، وولادة إسماعيل عليه السلام هناك ونشوئه وتربيته ثمة، وعود إبراهيم إليه واجتماعه به في بناء البيت، وذلك قوله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ} ١ فرفعا قواعد البيت على مقتضى إشارة الوحي مرعيا فيها جميع المناسبات التي بينها وبين البيت المعمور، وشرعا المناسك والمشاعر محفوظا فيها جميع المناسبات التي بينها وبين الشرع الأخير، وتقبل الله تعالى ذلك منهما، وبقي الشرف والتعظيم إلى زماننا وإلى يوم القيامة دلالة على حسن القبول. فاختلفت آراء العرب في ذلك.

وأول من وضع فيه الأصنام عمرو بن لحي بن غالوثة بن عمرو بن عامر لما سار قومه إلى مكة، واستولى على أمر البيت. ثم صار إلى مدينة البلقاء بالشام فرأى هناك قوما يعبدون الأصنام فسألهم عنها، فقالوا: هذه أرباب اتخذناها على شكل الهياكل العلوية والأشخاص البشرية نستنصر بها فننصر، ونستسقي بها فنسقي، ونستشفى


١ البقرة آية ١٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>