بها فنشفى. فأعجبه ذلك وطلب منهم صنما من أصنامهم فدفعوا إليه "هبل" فسار به إلى مكة ووضعه في الكعبة، وكان معه أساف, ونائلة على شكل زوجين. فدعا الناس إلى تعظيمها، والتقرب إليها، والتوسل بها إلى الله تعالى، وكان ذلك في أول ملك شابور ذي الأكتاف، إلى أن أظهر الله تعالى الإسلام فأخرجت وأبطلت، وبهذا يعرف كذب من قال: إن بيت الله الحرام إنما هو بيت زحل, بناه الباني الأول على طوالع معلومة واتصالات مقبولة، وسماه بيت زحل, ولهذا المعنى اقترن الدوام به بقاء والتعظيم له لقاء، لأن زحل يدل على البقاء وطول العمر أكثر مما يدل عليه سائر الكواكب، وهذا خطأ، لأن الباني الأول كان مستندا إلى الوحي على يدي أصحاب الوحي.
٣- البيوت المتخذة للعبادة:
ثم اعلم أن البيوت تنقسم إلى بيوت الأصنام، وإلى بيوت النيران. وقد ذكرنا المواضع التي كانت بيوت النيران ثم في مقالات المجوس. فأما بيوت الأصنام التي كانت للعرب والهند فهي البيوت السبعة المعروفة المشهورة، المبنية على السبع الكواكب. فمنها ما كانت فيه أصنام فحولت إلى النيران، ومنها ما لم تحول. ولقد كان بين أصحاب الأصنام وبين أصحاب النيران مخالفات كثيرة، والأمر دول فيما بينهم، وكان كل من استولى وقهر غير البيت إلى مشاعر مذهبه ودينه. فمنها بيت فارس على رأس جبل بأصفهان على ثلاثة فراسخ, كانت فيه أصنام إلى أن أخرجها كشتاسب الملك لما تمجس وجعله بيت نار ومنها البيت الذي بمولتان من أرض الهند، فيه أصنام لم تغير ولم تبدل. ومنها بيت سدوسان من أرض الهند أيضا، فيه أصنام كبيرة كثيرة العجب، والهند يأتون البيتين في أوقات من السنة حجا وقصدا إليهما. ومنه النوبهار الذي بناه منوجهر بمدينة بلخ على اسم القمر، فلما ظهر الإسلام خربه أهل بلخ. ومنها بيت غمدان الذي بمدينة صنعاء اليمن بناه الضحاك على اسم الزهرة, وخربه عثمان بن عفان رضي الله عنه،